الأنترنت هو جزء من ثورة الأتصالات . و يعرف البعض الأنترنت بشبكة الشبكات ، و يعرفها البعض الأخر بشبكة طرق المواصلات السريعة ، حيث يتكون الأنترنت من عدد كبير من شبكات الحاسب المترابطة و المتناثرة فى أنحاء كثيرة من العالم و يحكم ترابط تلك الأجهزة بروتوكول موحد يسمى "بروتوكول تراسل الأنترنت " Tcp / Ip .
لا أحد فى الوقت الراهن يملك الأنترنت ، و إن كان يمكن القول فى البداية بأن الحكومة الأمريكية ممثلة فى وزارة الدفاع ثم المؤسسة القومية للعلوم ، هى المالك الوحيد للشبكة ، و لكن بعد تطور الشبكة و نموها ، لم يعد يملكها أحد و أختفى مفهوم التملك ، ليحل محله ما أصبح يسمى بمجتمع الأنترنت ، كما أن تحويل الشبكة تحول من القطاع الحكومى إلى القطاع الخاص ، و من هنا ولدت العديد من الشبكات الأقليمية ذات الصبغة التجارية ، و التى يمكن الأستفادة من خدماتها مقابل أشتراك ، و هذه الخصوصية أى عدم وجود مالك محدد أو معروف للأنترنت يجعل مهمة رجال الأمن أكثر صعوبة .
أما بالنسبة لتطور و توسع أستخدام الشبكة ففى عام 1985م كان هناك أقل من ألفى حاسب آلى مرتبط بالشبكة و وصل العدد إلى خمسة ملايين حاسب فى عام 1995م و فى عام 1997 م تجاوز الستة ملايين حاسب و تستخدم ما يزيد عن ثلاثمائة ألف خادم شبكات( Server) ، و يمكن القول بأن عدد المستخدمين الجدد يبلغ أثنى مليون شهريآ ، أى ما يعنى أنضمام ستة و أربعين مستخدمآ للشبكة فى كل دقيقة .
و فى إستطلاع أجرته شبكة NUA الأمريكية عام 1998م قدر عدد مستخدمى الشبكة عالميآ بحوالى مائة و أربعة و ثلاثين مليون مستخدم ، و تصدرت أمريكا و كندا الصدارة من حيث عدد المستخدمين الذى بلغ عددهم سبعون مليون مستخدم ، و فى تقدير أجرته أيضآ شبكة NUA الأمريكية .
و صدر بتاريخ 26/10/2000م ، قدر أن عدد المستخدمين للشبكة عام 2005م سيكون حوالى مائتان و خمسة و أربعون مليون مستخدم ، و قدر أن غالبية الزيادة ستكون من خارج الولايات المتحدة الأمريكية ، و قدرت دراسة أجراها موقع عجيب
www.ajeeb.com 25/3/2001 تجاوز عدد المستخدمين العرب إلى خمسة ملايين مستخدم مع نهاية عام 2001 م وأن يصل إلى أثنى عشر مليون مستخدم عربى مع نهاية عام2002 م كما قدرت الدراسة عدد مستخدمى الأنترنت فى المملكة العربية السعودية ب خمسمائة و سبعون ألف مستخدم([1]) .
إن تطور التقنيات ووسائل الأتصالات قد ساعد فى أنتشار و عولمة الجريمة و أنتاج جرائم أجتماعية و أقتصادية مستحدثة فقد أستفادت العصابات الأجرامية فى مجالات توظيف التقنيات و الأتصالات فى النشاط الأجرامى مثل التنصت و الأحتيال على المصاريف و أعتراض بطاقات الأئتمان و سرقتها و أستخدامها الغير مشروع ، و الأبتزاز و السطو على البنوك ألكترونيآ و التزييف و التزوير ، و التهدب الضريبى و الأحتيال بالحاسب ، و سرقة أرقام الهواتف والهواتف المزورة و المقلدة ، و تدمير الحاسبات البنكية ، و الوصول للمعلومات الأمنية الحساسة و سرقتها و بيعها ، و الأسرار التجارية و العسكرية ، و أستخدام برمجيات التشفير لحماية النشاطات الأجرامية و أنشاء مواقع أباحية و ترويجها و أستغلال الأحداث بها ، و على سبيل المثال فقد ذكرت أدارة مكافحة المخدرات الأمريكية أن أحدى العصابات قد إستثمرت حوالى خمسمائة مليون دولار لأنشاء قاعدة تكنولوجيه خاصة بها و كل تلك الجرائم المستحدثة هى نتيجة التطورات التدريجية لأستخدام شبكة الأنترنت .
فقد بلغ حجم التجارة عبر الأنترنت فى عام 1997 ستة مليارات دولار ووصل إلى سبعة وثلاثين مليار ونصف عام 2000م ، أما التجارة العربية عبر الأنترنت ، فقد بلغت (11.59) مليون دولار 29% منها جاءت من خارج العالم العربى ، وبلغت عام 2001 حوالى 3 مليارات مقاربة بـ 135 مليارآ عالميآ .
لقد شهد الأقتصاد العالى تحولات جذرية بفعل التطورات فى التقنية والأتصالات والمعلومات والملتيميديا والحاسبات ولقد زاد التنافس الدولى من خلال الشركات العابرة للحدود الوطنية وتلاشت المسافات بفعل وسائل الأتصال وخاصة الأنترنت .
لقد زادت صادرات الخدمات وإرتفعت من 15%إلى 22%من أجمالى التجارة الدولية نفسها وأصبحت تشكل 20%من الناتج الأجمالى العالمى ، وزاد تبادل العملات ووصل إلى (1.3) تريليون دولار يوميآ([2]) .
فالبناء التحتى التقنى فى المجتمع المعلوماتى قد ساهم فى تطور تقنيات المعلومات الحديثة فى عصر المعلومات ، فمثلما دخلت الآلة على الأنسان فى تنفيذ الكثير من المهمات ، وخاصة فى الزراعة والتصنيع ، والنقل ؛ فقد حلت المعلومات على الكثير من الأعمال التقليدية ، وحتى أنها حلت على التفكير ، وأصبحت المعلومات رخيصة . ومتوفرة وبكميات كبيرة
بالتالى فقد تعولمت الجريمة وظهرت أنماط جديدة منها وأصبحت الجريمة تنفذ عن بعد دون الحاجة إلى الفعل الفيزيقى بموضوع الجريمة مثل غسيل الأموال وتحويلها عبر الأنترنت وسرقة البنوك والحسابات التى لم تعد تتطلب السطو على البنك فى موقعه الفعلى ، وأنما يمكن أن يكون ذلك الكترونيآ بتحويل أرصدة من الحسابات إلى حسابات أخرى فى دول أخرى.
وظهرت جرائم الحاسب والجرائم المرتبطة بالحاسب ، وجرائم الملكية الفكرية وجرائم قرصنة الحاسب والتجسس العسكرى والألكترونى وكل هذه الأنماط تحديآ جديدآ فى تفسير الجريمة وفى وسائل الوقية والمكافحة .
إن حجم الأقبال على شبكة الأنترنت يتضاعف تقريبآ كل مائة يوم . حيث صرحت وزارة التجارة الأمريكية بأن عدد الصفحات فى النسيج العالمى بلغ 200 مليون صفحة فى نهاية عام 1997م و440 مليون صفحة فى نهاية عام 1998م وأن عدد رواد النسيج بلغوا 140 مليون فى عام 1998م ، ولقد أقر هذا العدد شركة جينيرال ماجيك([3]) وبحله تايم . ولكن هناك من يرى أن هذا العدد فيه تحفظ وأن العدد الحقيقى للصفحات فى عام 1998م قد بلغ 65 مليون صفحة ، ويتوقع لهذا العدد أن يزداد إلى 8 مليار فى عام 2002م ، وعدد الصفحات الأباحية على الأنترنت تقدر بنحو 2.3% من حجم الصفحات الكلية فى الأنترنت([4]) . وهذا العدد يعد صغيرآ نسبيآ ألا أنه لايعطى الصورة الحقيقية لحجم المشكلة .
فشركة playboy الأباحية مثلآ تزعم بأن 4.7 مليون زائر يزوروا صفحاتهم فى الأسبوع الواحد ، وقامت بعض الشركات بدراسة عدد الزوار لصفحات العارة والأباحية على الأنترنت فوجدت شركة webside story أن بعض هذه الصفحات الأباحية يزورها 280034 زائر فى اليوم الواحد وهناك أكثر من مائة صفحة مشابهة تستقبل أكثر من عشرون ألف زائر يوميآ وأكثر من الفين صفحة متشابة تستقل أكثر من 1400 زائر يوميآ ، وأن صفحة واحدة فقط من هذه الصفحات قد إستقلت خلال سنتين 43613508 زائر ، وأن واحد من هذه الجهات تزعم أن لديها أكثرمن ثلاثمائة الف صورة خليعة تم توزيعها أكثر من مليار . ولقد قام باحثون فى جامعة كارينجى ميلون بإجراء دراسة إحصائية على 917410 صورة إسترجعت 8.5 مليون مرة من 2000 مدينة فى 40 دولة فوجدوا أن نصف الصور المستعارة من الأنترنت هى صور أباحية وأن 83.5% من الصور التداولة فى المجموعات الإخبارية هى صور أباحية([5]) غدت معظم الموارد الأساسية فى الإنترنت والتي لاتتمثل فى البرامج فقط وأنما تعتمد على موارد أخرى مثل "مكتبات المعلومات –البريد الإلكترونى – مجموعات الأخبار" والتى تتمثل فى بعض الحروف والمصطلحات الأنجليزية والأشكال أيضآ مما استوجب على المستخدمين لهذه الشبكة إستخدام لغات خاصة بالكمبيوتر، وإن كانت غريبة على لغاتهم الأصلية .
وهكذا كان للإنترنت الأثر الكبير فى أجتذاب الأفراد من كافة الدول الذين يختلفون فى أتجاهاتهم الفكرية ؛ فبعض الأفراد يشيدون بأنها تمكنهم من حق وحرية التعبير عن آرائهم وأفكارهم والتى سبق أن حرموا منها قبل ذلك داخل دولهم ، واخرين يعتبرون أن هذه الشبكة سوق حره للجميع وأنها حماية لحرية الكلام وحق التعبير عن آرائهم
وبالتالي تحول الانترنت الى جهازآ أعلاميآ كبيرآ له أثر كبير فى التأثير ثقافيآ وأجتماعيآ وفكريآ على الأفراد داخل المجتمعات حيث أن مستخدمه لايكتفى بدور المتلقى السلبى للمادة الأعلامية مثل التليفزيون أو الراديو وأنما يتجاوز ويتفاعل معه ليحدد بنفسه مايريده من مواد أعلامية .
وقبل ظهور الإنترنت وجرائمه كانت الأفعال الإجرامية كائنة ، وكانت هذه الأفعال تشمل القتل والسرقة والنصب والتزوير وغيرها من الجرائم ، فالشر قائم ، بيد أن الإنترنت ساعد على سهولة ارتكاب تلك الجرائم .
فتقنيات الكمبيوتر سهلت أرتكاب مثل هذه الجرائم ، فإذا كانت جرائم الحاسب الألى تتصف بوجود مستخدمين مصرح لهم بالتعامل مع برامج الحاسبات الألية كسرقة نقود من بنك مثلآ ، أما جرائم الإنترنت فلا يوجد أتفاق عام فيها حول وجود مشاركة في كلمة السر ومن الصعب فى أغلب الأوقات تحديد امستعمل الإنترنت أو نظامه مصرح له بذلك أم لا ؟ وعند الأجابة مصرح له نسأل من من ؟
ففضاء المعلومات ليست واضحة ، فضيف الكمبيوتر يمكنه أولآ الوصول إلى بعض المعلومات وعدم الوصول إلى البعض الأخر ، بينما فى الإنترنت فيستطيع الشخص الوصول وقراءة البريد الإلكترونى خاصته على الإنترنت بسهولة
إن هذه الشبكة المتطورة لاتحمى الممتلكات الفكرية أو ما يطلق الآن صراع الحضارات والثقافات ، فيستطيع جميع مستخدمى هذه الشبكة إرسال وإستقبال معلومات لا حصر لها في جميع التخصصات والموضوعات، وبالتالى التعرض لثقافات متباينة ومتعارضة .
ولقد أعرب الناس عن قلقهم لهذا التقدم التكنولوجى الرهيب الذي لا نستطيع كبح جماحه حيث يعتبر غزوآ ثقافيآ من نوع جديد يهدد ثقافات وقيم التقاليد المحلية ، إذ لا يخفى علينا ما يدور حول الممارسات المحرمة الجنسية متعددة الأشكال والأنواع التى لا يبيحها الدين وأثرها فى تعليم جيل الشباب بالممارسات التى تتنافى مع الأديان والأخلاق وظهور العديد من الجماعات المتطرفة التى تقوم باستغلال الشبكة فى نشر أفكارها مثل فكر جماعة "عبدة الشيطان" .
كما يمكن إساءة إستخدام الشبكة فى الحط من قدر الآخرين وتشويه سمعتهم طالما أن حرية الكلام متاحة للجميع وهذا يرجع إلى الأستخدام الطليق غير المقيد لشبكة الإنترنت .
وأرى تجاه ظاهرة الدخول لبعض مواقع الإنترنت أن القضية خطيرة جدآ، فعندما نتحدث عن دخول ثورة التكنولوجيا الإلكترونية كل بيت تقريبآ ، فهو سلاح ذو حدين ، فإما أن يوظف فى نشر العلم و الخير وتثبيت العقيدة ، واما ان يكون وسيلة للأفساد والأنحراف ونشر الأنحلال وهدم القيم عن طريق ترويج المواقع الإباحية وغرف الدردشة الإباحية .
فلو أخذنا على سبيل المثال لا الحصر أحد البرامج وأكثرها إنتشارآ بين البرامج الحوارية أو ما يسمى بالدردشة برنامج البال توك"Pal talk" ، فسنجد أن أكثر من مائة وأربعون ألف شخص يدخلونه فى لحظة واحدة من جميع أنحاء العالم، بافكار وثقافات وحرية تعبير تختلف من اقليم لاخر.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - من موقع
www.minshawi.com ،جرائم الإنترنت من منظور شرعى و قانونى .
[2] - من موقع
www.alrigadh.np.com ، مقالة عن السرقة و الأحتيال وغسيل الأموال والآستغلال الحبنى والتجسس أبرز تلك الجرائم . عرض سحر الرملاوى فى سبتمبر عام 2003 ، صــ39.
[3] - من موقعtrends
www.genmagic.com/internet/ فى14\ 5\ 1997م بقلم Rutkowski Tony.
[4] - من موقع
www.wcp.oclc.org/stats.html [5] - Rimm,Marty .Marketing pornography on the information superhigh way, Georgetown L aw Journal ,Tssue 5 ,volume 83