وليد Admin
عدد المساهمات : 656 تاريخ التسجيل : 22/05/2010 العمر : 36 الموقع : كوردستان
| موضوع: حقوق المتهم في دور التحقيق في القانون العراقي 6/8/2010, 08:43 | |
| حقوق المتهم في دور التحقيق
في القانون العراقي
دراسة مقارنة بالميثاق الدولي لحقوق الإنسان
القاضي
عبد الستار غفور بيرقدار
2009
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
لقد احتلت حقوق الإنسان اهتماما واضحا في المحافل الدولية والمؤتمرات والندوات التي تمخضت عن مواثيق وإعلانات شتى على المستويين الإقليمي والدولي تضمنت العديد من المبادئ لتعزيز حقوق الإنسان وتهيئة السبل الكفيلة لحمايتها وكان لمنظمة الأمم المتحدة دور بارز في إظهار مفاهيم حقوق الإنسان وتجسيدها على شكل إعلانات ومعاهدات وكان أول اقتراح للحقوق الأساسية للإنسان في مؤتمر سان فرانسيسكو _ الذي تم فيه إقرار ميثاق الأمم المتحدة عام 1945. ويستند نظام الأمم المتحدة لحماية حقوق الإنسان على ثلاث وثائق أساسية تشكل الميثاق الدولي لحقوق الإنسان وهي (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ) وبناءا على هذه الوثائق اشتقت مختلف الوثائق القانونية الدولية كما تجسدت في مواثيق المجتمعات المتحضرة ودساتيرها وقوانينها الداخلية ومنها دستور جمهورية العراق لسنة 2005 وقانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 وتعديلاته , حيث أقرت العديد من الحقوق المقررة للشخص إثناء مرحلة التحقيق بعضها حقوق لا يمكن تعليقها أو تقييدها ومن أهم تلك الحقوق حق المتهم في دور التحقيق حيث سنتصدى لاستجواب المتهم وضمانته وضمانات الدفاع و مبدأ الأصل في المتهم البراءة.
المبحث الأول
استجواب المتهم
يعد استجواب المتهم إحدى الضمانات التي يجب أن يتمتع بها فهو الذي يربط بين جميع وقائعها و يبحث في مدى جديتها لتحقيق هدفها الأول في الوصول إلى الحقيقة واهم ما يميزه هو أن الشخص يحضر فيه لأول مرة بصفته متهما أمام المحقق.
المطلب الأول
تعريف الاستجواب
يعرف الاستجواب هو إجراء من إجراءات التحقيق يهدف إلى جمع الأدلة حول وقوع الجريمة ونسبتها إلى المتهم وإتاحة الفرصة لهذا المتهم في الدفاع عن نفسه1
كما يعرف بأنه سؤال المتهم عن التهمة أو التهم الموجهة إليه والأدلة ضده وسؤاله عن دفاعه.2
ويعرف أيضا بأنه مسائلة المتهم ومناقشته عن وقائع القضية المنسوب إليه ارتكابها ومجابهته بالأدلة المختلفة وسماع ما لديه من دفوع لتلك التهمة.3
نلاحظ إن ما ورد من تعريفات (الاستجواب ) كلها تؤكد إن للاستجواب طبيعة مزدوجة وذلك لأنه وسيلة للإثبات والدفاع في نفس الوقت, فهو إجراء اتهام يستهدف منه جمع الأدلة بشأن الجريمة الواقعة ونسبتها إلى المتهم وذلك من مصدرها الأساس, ومن جهة أخرى كأجراء دفاع يساعد على استجلاء الحقيقة بإتاحة الفرصة للمتهم ليفند ما أحيط به من شبهات وإثبات براءته للوصول إلى الحقيقة 4 وهو بالتالي لا يهدف إلى إدانة المتهم فهو يستطيع تفنيد التهمة المسندة إليه إن كان بريئا أو يعترف بها إن كان مذنباً.
ويترتب على هذه الطبيعة المزدوجة للاستجواب ما يلي:-
1- إجراء من إجراءات جمع الأدلة حيث يجوز للمحقق الالتجاء إليه في أية لحظة خلال التحقيق كما يجوز إعادة استجواب المتهم كلما رأى ذلك ضروريا وهذا دون الإخلال بحرية المتهم في الإجابة عن الأسئلة الموجه إليه.
2- باعتباره من إجراءات الدفاع يجب استجواب المتهم من قاضي التحقيق وإحاطته علما بالدلائل المتوفرة ضده وتدوين أقواله بشأنها وما يريد إبداؤه من دفاع.
وكما إن الاستجواب يقوم على العنصرين السابقين, فانه قد يكون حقيقيا أو قد يكون حكمياً5, فجوهر الاستجواب الحقيقي توجيه التهمة ومناقشة المتهم تفصيليا عنها ومواجهته بالأدلة القائمة ضده. أما الاستجواب الحكمي فيقصد به المواجهة, أي مواجهة المتهم بغيره من الشهود لكي يدلي كل منهما بأقواله أمام الآخر.
المطلب الثاني
حضور المتهم التحقيق
إحضار المتهم للاستجواب واجب قانونا عند القبض عليه أو حبسه احتياطيا وان يحصل خلال أربع وعشرين ساعة من حضوره6 بعد التثبت من شخصيته وإحاطته علما بالجريمة المنسوبة إليه, وهو بالتالي لا يهدف إلى إدانة المتهم فهو يستطيع تفنيد التهمة المسندة إليه إن كان بريئا أو يعترف بها إن كان مذنبا وهنا يجب أن لا يكتفي بالاعتراف بل لابد من استكمال الإجراءات التحقيقية الأخرى لأنه قد يعترف المتهم ولكن اعترافه لا يعتد به ويكون اعترافه كاذبا عليه فان الإقرار أو الإنكار يدخلان في إطار الاستجواب.
اوجب القانون عند حضور المتهم أن يتثبت قاضي التحقيق أو المحقق من شخصيته ثم يحيطه علما بالتهمة المنسوبة إليه وتدوين أقواله مع بيان ما لديه من أدلة لنفيها وتعريفه بأنه حر في إدلاء إفادته, والمتهم عند الاستجواب غير مجبر على الإجابة فله أن يمتنع 7 ولكن ذلك ليس في مصلحته لان أدلة الاتهام تظل قائمة ضده دون أن تدحض.
وأجازت المادة (124) من قانون أصول المحاكمات الجزائية للمتهم أن يبدي أقواله بعد سماع أقوال أي شاهد وعلة ذلك هي عدم توفر المعلومات قبل سماع المحقق لشهود الإثبات كما أجاز القانون للمتهم أن يبدي أقواله بعد سماع المحقق للمشتكي, ومعنى ذلك إن الحق في إبداء الأقوال لا يبتدئ عند الانتهاء من سماع جميع شهود الإثبات وإنما يجوز للمتهم نفي التهمة أو الإقرار به بعد سماع شهادة المشتكي فقط.
كما على قاضي التحقيق أو المحقق أن يدون أقوال المتهم وأجوبته عن الأسئلة الموجهة إليه في محضر وان يتم التوقيع عليها من المتهم والقاضي أو المحقق إلا إذا تعذر عليه التوقيع أو امتنع عن ذلك فيجب أن يدون المحقق أو القاضي ذلك في المحضر مع بيان الأسباب إن أبداها المتهم8 .
وفي حالة إقرار المتهم بارتكاب جريمة فعلى قاضي التحقيق تدوينها بنفسه وتلاوتها على المتهم ومن ثم توقيعها من المتهم والقاضي , كما جوز القانون أن يدون المتهم إفادته بنفسه بحضور القاضي وثم التوقيع عليها من القاضي والمتهم وان يثبت ذلك في المحضر9.
ويجوز لقاضي التحقيق أن يواجه المتهم بمتهمين آخرين أو بشهود إثبات أو يواجهه أيضا بالأدلة الفنية وخاصة تقارير الطب الشرعي إن وجدت, و للمتهم أو محاميه أن يطلب سماع شهود نفي أو الاستعانة بخبير لإثبات براءته ويجب إثبات ذلك كله بمحضر التحقيق وخاصة إذا تم رفض هذه الطلبات.
لذا فان هذه المواجهة قد تنطوي على إحراج المتهم لأنها تقوم على مواجهته بما هو قائم ضده , ولذلك يعد هذا إجراء خطير10, إذ قد يترتب عليها ارتباكه واضطرابه, وقد يشعر بالرهبة أو الخجل مما يواجهه قاضي التحقيق به فيتورط في أقوال لم تكن تصدر عنه بغير هذه المواجهة , لذا فانه يجب أن يحاط بذات الضمانات التي أحيط بها الاستجواب.
المبحث الثاني
ضمانات استجواب المتهم
أحاط القانون العراقي استجواب المتهم بضمانات سواء ما يتعلق بالجهة المختصة بالاستجواب أم تمكين المتهم من إبداء أقواله في حرية تامة أم تمكينه من حق الدفاع.
وهذه الضمانات جميعها تنبثق من المبدأ الذي نص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة (11) والتي نصت (إن كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا إلى أن تثبت إدانته قانونا بمحاكمة علنية تؤمن له فيها ضرورة الدفاع عن نفسه).
حيث أن البراءة في المتهم هو الأصل والذي يتطلب بموجبه معاملة المتهم بوصفه بريئا حتى تثبت إدانته وهو ما لا يكون إلا بضمان حريته الشخصية على نحو تام, لذا فلا يجوز أن يفهم من الاستجواب انه طريق لتمكين المتهم من إثبات براءته فتلك البراءة أصل مفترض وهو غير مكلف بعبء إثباتها والاستجواب يتيح له الاطلاع على الأدلة المقدمة ضده لتفنيدها ومواجهة أثرها الفعلي في غير مصلحته وذلك في إطار حق الدفاع الذي يتمتع به المتهم وقد نص على ذلك الدستور العراقي في الفقرة (5) من المادة (19) على أن (المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة ولا يحاكم المتهم عن التهمة ذاتها مرة أخرى بعد الإفراج عنه إلا إذا ظهرت أدلة جديدة).
المطلب الأول
الجهة المختصة بالاستجواب
لقد أكد دستور جمهورية العراق لسنة 2005 وفي الفقرة أولا من المادة (35) منه على انه (لا يجوز توقيف احد أو التحقيق معه إلا بموجب قرار قضائي).
ويقوم بالتحقيق الابتدائي قضاة التحقيق والمحققون تحت إشراف قضاة التحقيق11وفي حالة عدم وجود قاضي التحقيق لأي سبب واقتضى الأمر اتخاذ إجراء فوري من المحقق أو المسؤول عن التحقيق فعليه عرض الأمر على أي قاضي تحقيق في منطقته أو منطقة قريبة للنظر في اتخاذ ما يلزم.
كما جوزت الفقرة (د) من المادة (51) من قانون أصول المحاكمات الجزائية لأي قاضي مهما كانت درجته أو عمله القضائي أن يجري التحقيق في أي جريمة وقعت بحضوره إذا لم يكن قاضي التحقيق المختص موجودا ويتخذ كافة الإجراءات التي يقتضيها التحقيق ثم يعرض الأمر على قاضي التحقيق المختص بأسرع وقت وتكون إجراءاته صحيحة وبحكم الإجراءات التي يقوم بها قاضي التحقيق المختص.
كما يجوز لقاضي التحقيق أن ينيب احد أعضاء الضبط القضائي لاتخاذ إجراء معين12 كأن يأمر المسؤول في مركز الشرطة بإجراء الكشف أو التفتيش مثلاً.
كما يحق لعضو الادعاء العام ممارسة صلاحية قاضي التحقيق في مكان الحادث إذا لم يكن قاضي التحقيق موجوداً وتزول هذه الصلاحية عند حضور قاضي التحقيق13, فعضو الادعاء العام يمارس صلاحية قاضي التحقيق في مكان الحادث وليس في خارجه كما لاحق له بممارسة صلاحية قاضي التحقيق في منطقته في حالة غياب قاضي التحقيق, لان دور الادعاء العام بالأساس خصصه المشرع بالاتهام, لان الضمانات المهمة لحريات وحقوق المتهمين الفصل بين سلطتي التحقيق والاتهام, فيمارس التحقيق قضاة التحقيق في حين يمارس الاتهام الادعاء العام14 والقانون العراقي يفصل بين وظيفتي التحقيق والاتهام فيودع الأولى إلى قضاة التحقيق والوظيفة الثانية إلى الادعاء العام15.
و لعل من المهم الإشارة هنا انه لا يمكن تحقيق محاكمة عادلة للمتهم إلا بوجود قضاء مستقل ومحايد تعتمد على قضاة لا يمكن أن تتجه أصابع الشك والاتهام وعدم النزاهة إليهم فهم يعتمدون في عملهم على الحياد والاستقلال16.
وقد ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948 في المادة (10) منه على (لكل إنسان الحق، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، في أن تنظر قضيته أمام محكمة مستقلة نزيهة نظراً عادلاً علنياً للفصل في حقوقه والتزاماته وأية تهمة جنائية توجه إليه).
كما أكد على مبدأ استقلال القضاء الدستور العراقي لسنة 2005 في الفقرة (أولا) من المادة (19) منه على إن (القضاء مستقل لا سلطان عليه لغير القانون)
كما نص الدستور في المادة ( 87 ) منه على إن (السلطة القضائية مستقلة, وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها وتصدر أحكامها وفقا للقانون).
كما ورد في نفس الدستور على استقلال القضاة أنفسهم في المادة (88) منه على (القضاة مستقلون, لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون ولا يجوز لأية سلطة التدخل في القضاء أو في شؤون العدالة).
ومعنى اشتراط الحياد في القضاة، أن على القاضي ألا تكون له آراء مسبقة عن أية قضية ينظرها، وألا تكون له مصلحة في النتيجة التي ينتهي إليها نظر القضية وأن عليه ألا يسلك سبيلاً يرجِّح مصلحة طرف على طرف آخر. كما يجب أن تتاح له فرصة العمل بعيداً عن أي تأثير، مباشر كان أو غير مباشر، من الهيئات الحكومية، وبعيداً عن وسائل الإغراء أو الضغط أو التهديد أياً كان مصدره.
المطلب الثاني
حرية المتهم في إبداء أقواله
أولا :- عدم إجبار المتهم على الكلام
للمتهم الحرية الكاملة في ألا يجيب على الأسئلة التي توجه إليه ولا يلزم بأن يتكلم ويعتبر هذا من الضمانات الهامة المقررة للمتهم فله أن يرفض إعطاء أي معلومات أو بيانات تطلب منه كما انه غير ملزم بالبت في موضوع اتهامه عندما يوجه السؤال إليه17.
وبالرغم من أهمية هذا الحق إلا انه لم يرد نص صريح في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بشأنها بينما نجد هذا الحق في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية – نظام روما المعتمد في 17\يوليو\ 1998 في حقوق الأشخاص أثناء التحقيق.
بينما أكد هذا المبدأ القانون العراقي الذي نص ( للمتهم الحق في أن يصمت ويرفض الكلام أو الإجابة عن الأسئلة ألموجهه إليه) في المادة ( 126) من قانون أصول المحاكمات الجزائية كما أكدت عليه تعديل المادة (123) من قانون أصول المحاكمات الجزائية بموجب مذكرة سلطة الائتلاف المؤقتة رقم (3) الإجراءات الجزائية في18\حزيران\2003 القسم( 4ج ) حيث جاء فيه ( يضاف إلى المادة 123مايلي :-
ب – قبل إجراء التحقيق مع المتهم يجب على قاضي التحقيق إعلام المتهم ما يلي:-
أولا – أن له الحق في السكوت, ولا يستنتج من ممارسته هذا الحق أية قرينة ضده.)
فإذا رفض المتهم الإجابة أو أصر على السكوت فلا يجبر على الكلام وله حق الصمت مادام له حق الإنكار , وهنا يختلف وضع المتهم عن الشاهد فالأخير يعاقب إذا رفض الشهادة أو شهد زورا ولكن يستبعد القانون ذلك للمتهم لان أقواله تعتبر وسيلة للدفاع فهي حق له وليست فرضا عليه وله وحده أن يقرر إذا كان سيستعمل هذا الحق أم لا .
وحيث إن صمت المتهم وامتناعه عن الإجابة استعمالُ لحق مقرر قانونا, فلا يجوز لقاضي التحقيق أن يستخلص من صمت المتهم قرينة ضده و إلا كان في ذلك إطاحة بقرينة البراءة وما تولد عنها من حقوق الدفاع18.
ثانيا :- حق المتهم بان يعامل معاملة إنسانية
لقد تخلص التحقيق في العصر الحديث من فكرة التعذيب بعد أن سادت حقوق الإنسان وصدرت إعلانات هذه الحقوق وآخرها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر سنة 1948 والذي منع تعذيب المتهم19 وأكد هذا المعنى العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية20 ونصت عليه دستور جمهورية العراق لسنة 2005 21.
وقد أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 9\ديسمبر\1975 إعلانا بشان حماية جميع الأشخاص ضد التعذيب أو المعاملة غير الإنسانية أو المهنية بقرارها المرقم (3452) حيث نصت المادة الأولى منه (إن التعذيب في خصوص هذا الإعلان يشمل كل فعل يستخدم لإحداث الم أو معاناة بدنية أو عقلية ضد احد الأشخاص بواسطة موظفين عموميين أو بناء على تحريضهم وذلك لتحقيق أهداف معينة وخاصة للحصول على معلومات أو اعترافات).
كما نصت المادة (12) من الإعلان المذكور على إن الأقوال التي تصدر بناءا على تعذيب لا يمكن الاستناد إليها كدليل في الدعوى.
كما نصت المادة (127) من قانون أصول المحاكمات الجزائية على عدم جواز استعمال وسائل غير مشروعة للحصول على إقرار المتهم.
والوسائل غير المشروعة قد تكون مادية أو معنوية وتعتبر من الوسائل المعنوية التصرف مع المتهم بجفاء واستهانة أو استعمال طرق الإغراء كإثارة فكرة في ذهنه تدفعه إلى الإقرار ظنا منه إن ذلك ينجيه من العقاب أو يخفف عنه أو التأثير النفسي على المتهم كالتهديد على نفسه أو عائلته.
أما الإكراه المادي فيتحقق بالتأثير على إرادة المتهم وحرية اختياره عند التحقيق فالإكراه المادي هو كل قوة مادية خارجية تستطيل جسم المتهم من شأنها تعطيل إرادته ويتحقق بأي درجة عنف مهما كان قدرها طالما فيها مساس بسلامة الجسم ويستوي أن يكون الإكراه قد سبب ألماً أو لم يسبب فيعتبر عنفا تعذيب المتهم أو قص شعره أو شاربه ووضع الأغلال بيده أو إطلاق عيارات نارية تحت قدمه أو حرمانه من الطعام أو النوم أو وضعه في زنزانة مظلمة بمفرده.
فالإكراه يخضع لصور متعددة والجامع بينها هو الألم أو المعاناة البدنية أو النفسية أو العقلية التي تصيب المتهم من جراء إحدى وسائل التعذيب.
فإذا وقع على المتهم عنف أو إكراه عند التحقيق فان ما أدلى به أثناء التحقيق يعد باطلا ولا يعتد به كدليل في مجال الإثبات, لأن المتهم لا يتصرف بحريته فتكون إرادته معيبة لخضوعه للتعذيب, خاصة وان بعض المتهمين لا يحتمل الألم وقد يدلي بأقوال واعترافات غير صحيحة و ذلك للتخلص من التعذيب, ( لذا فان ثبوت تعرض المتهم للإكراه والتعذيب بموجب التقرير الطبي المؤيد لذلك يجعل أقواله موضع الشك ولا يمكن الاطمئنان إليها والركون لها ولا تصلح لإقامة حكم قضائي سليم لها)22.
عليه يحظر على المحققين اللجوء إلى وسائل الإكراه لحمل المتهم على الإدلاء بأي قول يحمل دليلا ضده. إلا انه ومع الأسف نجد بعض المحققين يميلون إلى العنف مع المتهم, وقد يكون سبب هذا التصرف بدافع الكسل, أو حب السيطرة أو لجهلهم بالقواعد العلمية أو الفنية للبحث والتحري.
كما جرم المشرع العراقي في قانون العقوبات المادة (333) منه كل من استعمل العنف واعتبرها جريمة يعاقب عليها تأسيسا على إن كرامة الفرد هي انعكاس لكرامة المجتمع.
المطلب الثالث
عدم تحليف المتهم اليمين
كان تحليف المتهم يعتبر من أهم شكليات التحقيق والمحاكمة التي كانت تعترف بها النظم القانونية القديمة وتضع لها القواعد والضوابط اللازمة, من حيث صيغتها وكيفية أدائها والوقت المحدد لها وعقاب من يحنث عنها.
ففي عهد الفراعنة كان المتهم يكلف بان يقسم بالإله على أن يقول الصدق ولا يكذب, ويعرض نفسه لأشد العقوبات إذا حنث عن يمينه.
إما في فرنسا _ قديماً _ اتخذ القضاة فكرة تحليف المتهم اليمين قبل أن تسمع أقواله, فإذا فشلت التجربة اتخذت معه مختلف طرق الإكراه.
وفي العصر الإسلامي اختلف فقهاء الشريعة في هذا الشأن, ولكن الراجح كان يذهب إلى عدم تحليف المتهم اليمين, ومن المتفق عليه إن اليمين لم تكن تؤدى إذا كان المدعى به حقا خالصا لله تعالى وهو الشأن في جرائم الحدود23.
وقد جسدت هذا المعنى المادة (14) فقرة (3) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية (لا يكره المتهم على الشهادة ضد نفسه أو الاعتراف بذنبه).
كما نص على هذا قانون أصول المحاكمات الجزائية (لا يحلف المتهم اليمين إلا إذا كان في مقام الشهادة على غيره)24.
فالقاعدة العامة لا يحلف المتهم اليمين لان تحليف اليمين القانونية يعتبر من قبيل الإكراه وذلك بوضع المتهم في موقف محرج يحتم عليه إما أن يكذب وينكر الحقيقة أو يضحي بنفسه و يعترف. أي إن التحليف يؤدي إلى أن ينازع المتهم عاملان هما المحافظة على نفسه وعدم التفريط بها وتعرضها للخطر بان يدفعه إلى ارتكاب جريمة شهادة الزور لإنقاذ نفسه أو قول الحقيقة حفاظا على معتقداته الدينية أو الأخلاقية التي يؤمن بها مما يرتب عليه تعريض المتهم نفسه إلى الإدانة في حال اعترافه بالتهمة المنسوبة إليه25 أو قد يسوق المتهم الخوف من الإثم إلى الإقرار بجريمة لم يرتكبها.
حيث لا يحلف المتهم اليمين إلا في مقام الشهادة على غيره من المتهمين, فلو ظهر إن المتهم بعد تدوين إفادته بصفته متهماً, إن إفادته تتضمن شهادة ضد متهم آخر تفرق دعواه عن دعوى من يشهد عليه استنادا لنص المادة (125) من قانون أصول المحاكمات الجزائية ( إذا تبين للمتهم شهادة على متهم آخر فتدون شهادته وتفرق دعوى كل منهما).
المبحث الثالث
ضمانات الدفاع
يجب أن يحاط المتهم أثناء التحقيق بضمانات حتى يمكنه الدفاع عن نفسه واثبات براءته ومن هذه الضمانات حق المتهم الإحاطة بالتهمة الموجهة إليه وحقه بالاستعانة بمحام للدفاع عنه في دور التحقيق, كما له حق الطعن بقرارات قاضي التحقيق.
المطلب الأول
الإحاطة بالتهمة
يجب إحاطة المتهم بالتهمة المسندة إليه لكي يتمكن من الدفاع عن نفسه واثبات دفوعه, فلما كان القبض على المتهم ينطوي ضمنا على إسناد تهمة معينة إليه وجب إخطاره بهذه التهمة.
وبهذا المعنى قضى العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على وجوب إخطار كل شخص مقبوض عليه بأسباب القبض وإخطاره في اقصر فترة بالتهمة المنسوبة إليه26.
فبالنسبة إلى المتهم المقبوض عليه فقد راعى التشريع العراقي وجوب أن يتضمن أمر القبض الصادر من قاضي التحقيق على اسم المتهم ولقبه وهويته وأوصافه ومحل إقامته ومهنته ونوع الجريمة المسندة إليه والمادة القانونية المنطبقة عليه27 وفي جميع الأحوال فانه يجب إفهام المتهم بالتهمة الموجه إليه قبل المباشرة بالتحقيق معه لأول مرة أمام قاضي التحقيق28 وينبغي أن يحاط علما بالاتهام بشكل محدد , والواقع انه ليس من السهل دائما تحديد التهمة وتكييفه من الناحية القانونية على وجه الدقة منذ بدء مرحلة التحقيق فضلا عن احتمال كشف ظروف جديدة تدعو إلى تغيير وصفها ولهذا يكفي إحاطة المتهم بالواقعة بشكل عام دون اشتراط ذكر الوصف على وجه التحديد.
والحكمة من اشتراط بيان التهمة , إتاحة الفرصة للمتهم كي يعلم بها فيعد دفاعه بشأنها ومن جانب آخر رسم حدود الدعوى كي تتقيد بها المحكمة وتتفرع من حق المتهم في إحاطته بالتهمة أن يكون له حق الاطلاع على الأوراق التحقيقية29 حتى يعرف حقيقة التهمة الموجهة إليه.
المطلب الثاني
حق المتهم الاستعانة بمحامي أثناء التحقيق
تطبيقا لضمان حق المتهم في الاستعانة بمحام في دور التحقيق التي نصت عليه العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية30, أوجبت الكثير من التشريعات إخطار المتهم قبل تدوين أقواله بحقه في الاستعانة بمحام وتجلى هذا الحق فيما ورد في نص الفقرة (رابعاً) من المادة (19) من دستور جمهورية العراق (حق الدفاع مقدس ومكفول في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة) كما أكد الدستور العراقي على المحكمة انتداب محام للدفاع عن المتهم لمن ليس له محام يدافع عنه31.
كما نص على ذلك التعديل الوارد على نص المادة (123) من قانون أصول المحاكمات الجزائية والتي نصت (ثانيا- للمتهم الحق في أن يتم تمثيله من محام, وان لم تكن له القدرة على توكيل محام تقوم المحكمة بتعيين محام منتدب له دون تحميل المتهم أتعابه.
ج – على قاضي التحقيق أو المحقق حسم موضوع رغبة المتهم بتوكيل محام قبل مباشرة التحقيق وفي حالة اختيار المتهم توكيل محام فليس لقاضي التحقيق أو المحقق المباشرة بأي إجراء حتى توكيل المحامي المنتدب).
وسبب هذا كله إن المشرع وفر ضمانة خاصة لكل متهم في جريمة وهو وجوب دعوة محاميه لحضور التحقيق وذلك خوفا من ضياع الأدلة تطمينا للمتهم وصونا لحرية الدفاع عن نفسه وهو واجب إجرائي في التحقيق وفي حالة عدم إمكانية المتهم أو ذويه توكيل محام بسبب عدم إمكانية دفع الأتعاب تتولى الدولة تعيين محام يتم انتدابه من المحكمة وتدفع أتعابه من خزينة الدولة.
إن حضور المحامي في التحقيق مع المتهم لا يعني أن ينوب عن المتهم في الإجابة أو ينبهه إلى مواقع الكلام أو السكوت أو أن يترافع أمام قاضي التحقيق فله فقط أن يطلب توجيه أسئلة أو يبدي بعض الملاحظات كما له حق الاعتراض عما يوجه للمتهم من أسئلة أو إذا كان المحامي يرغب بتوجيه أسئلة للشهود.
كما يحق لمحامي الدفاع الاطلاع على الأوراق التحقيقية ويطلب على نفقته صورا من الأوراق التحقيقية32.
واستثناءا لقاضي التحقيق أن يمنع حضور أو اطلاع وكلاء المتهم أو المشتكين على إجراءات التحقيق إذا كان ذلك يؤثر على سير التحقيق أو سريته على أن يدون الأسباب في محضر وان يبيح لهم الاطلاع على التحقيق بمجرد زوال هذه الضرورة33.
والمتهم الموقوف يجب أن تتاح له في اتصاله بمحاميه فرصة التحدث إليه بحرية وعلى انفراد وعلى غير مسمع من احد, سواء كان مسمعا طبيعيا أم تنصتا مسترقا أم بواسطة أجهزة فنية وان يحمى هذا الاتصال كحق للمتهم سواء في ذلك الاتصال الشخصي أم الاتصال عن طريق المراسلة34.
المطلب الثالث
حق المتهم الطعن بقرار قاضي التحقيق
لقد أولت الاتفاقات الدولية اهتماما كبيرا بالتظلم الذي يقدمه المتهم أمام القضاء تداركا لما قد يلحق قرارات قاضي التحقيق من عيوب وباعتباره ضمانة من ضمانات المتهم وحقا من حقوق الإنسان حيث خولت المادة (14) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية كل من قيدت حريته, بسبب القبض عليه أو حبسه, الحق في الالتجاء إلى القضاء للفصل في مشروعية حبسه, وتقدير الإفراج عنه إذا كان الحبس غير قانوني.
أما الدستور العراقي فقد جاء خاليا من النص على هذه الضمانة إلا انه نصت عليه المادة (265) من قانون أصول المحاكمات الجزائية حيث أعطت الحق للمتهم أو وكيله وللادعاء العام والمشتكي والمدعي المدني والمسؤول مدنياً, الطعن تمييزا في الأحكام والقرارات والتدابير الصادرة من محكمة الجنح في دعاوى المخالفات وقي القرارات الصادرة من قاضي التحقيق خلال ثلاثين يوما من اليوم التالي لتاريخ صدورها, عدا القرارات الإعدادية والإدارية35, باستثناء قرارات القبض والتوقيف وإخلاء السبيل بكفالة أو بدونها, والسبب في ذلك هو أهمية هذه القرارات وعلاقتها بالحرية الشخصية36.
إن حق المتهم في الطعن يعد من الضمانات المهمة للمتهم في دور التحقيق, حيث يمنع القاضي من التعسف في استخدام صلاحياته ويدفعه إلى استخدامه في أضيق الحدود وعند أقصى درجات الضرورة.
المبحث الرابع
مبدأ الأصل في المتهم البراءة
اقر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في الفقرة (1) من المادة (11) منه (إن كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا إلى أن تثبت إدانته قانونا بمحاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات للدفاع عنه).
كما أكد هذا العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية في المادة (14) وكما نص عليه دستور جمهورية العراق لسنة 2005 في الفقرة (خامسا) من المادة (19) منه ( المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة , ولا يحاكم المتهم عن التهمة ذاتها مرة أخرى بعد الإفراج عنه إلا إذا ظهرت أدلة جديدة).
لذا نتعرض في هذا المبحث إلى مفهوم مبدأ الأصل في المتهم البراءة, وآثار هذا المبدأ.
المطلب الأول
مفهوم الأصل في المتهم البراءة
يعتبر هذا المبدأ أساسيا لضمان الحرية الشخصية للمتهم وهو أن لكل متهم بجريمة مهما بلغت جسامتها يجب معاملته بوصفه شخصا بريئا حتى تثبت إدانته بحكم قضائي بات. ويعني أيضا إن الأصل في المتهم براءته مما اسند إليه ويبقى هذا الأصل حتى تثبت إدانته بصورة قاطعة و جازمة ويقتضي ذلك أن يحدد وضعه القانوني خلال الفترة السابقة على ثبوت الإدانة على انه شخص بريء37.
فإذا نسب إلى شخص ما انه ارتكب جريمة, فان مجرد هذا الادعاء لا يلغي الأصل في الإنسان الذي هو عدم اقتراف الجريمة إلى أن يثبت اقترافها على وجه قانوني صحيح وبوسائل قانونية سليمة. ومن هنا جاء مبدأ افتراض براءة المتهم إلى أن تثبت إدانته بحكم قانوني بات , وذلك مهما كانت قوة الأدلة والقرائن ضده , وهذا مبدأ جوهري في ضمانة حقوق الفرد واصل من أصول حقوق الإنسان38.
ويعتبر هذا المبدأ ركنا أساسيا في الشرعية الإجرائية .فان تطبيق لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص يفترض حتما وجود قاعدة افتراض البراءة في المتهم حتى يثبت جرمه وفقا للقانون.
لذا فان الجريمة عمل شاذ خارج عن المألوف ولا يمثل قاعدة عامة, لأنه إذا كان طبيعيا أن يرتكب احد أفراد المجتمع جريمة ما فانه من غير الطبيعي أن يجرم جميع أفراد هذا المجتمع, فالأصل في الإنسان إنما يتصرف وفقا للقانون ويحترم قيم المجتمع الذي يعيش فيه.
على إن هذا المبدأ يقبل إثبات العكس ولا يكفي لدحضها عن طريق أدلة الإثبات المقدمة والإجراءات التي باشرها قاضي التحقيق بحكم دوره في إثبات الحقيقة, بل إن المبدأ يظل قائما رغم الأدلة المتوفرة والمقدمة حتى يصدر حكم قضائي بات يفيد إدانة المتهم.
وإذا كان مبدأ البراءة يهدف أساسا إلى حماية المتهم سواء كان ذلك فيما يتعلق بالمعاملة التي يخضع لها أم يتعلق بإثبات إدانته فإنها تغفل _في الوقت ذاته _ عن مراعاة مصلحة المجتمع لذلك فقد أباح الدستور والقانون الحد من حرية المتهم وتعطيلها أحيانا إذا اقتضت الضرورات التحقيق والفصل في الدعوى , فقد أجاز القانون ضبط المتهم وإحضاره والقبض عليه وتفتيشه أو تفتيش مسكنه بل وحبسه احتياطيا , غير إن ذلك يكون ضروريا لمصلحة التحقيق وبقدر هذه الضرورة فقط39.
المطلب الثاني
آثار مبدأ الأصل براءة المتهم
يترك مبدأ الأصل في المتهم براءة الذمة آثارا على كثير من الإجراءات في دور التحقيق وأحكام القضاء ومنها ما يلي:-
1- ضمان الحرية الشخصية للمتهم
هذه النتيجة أهم نتيجة على الإطلاق, حيث يجب معاملة المتهم بما يحفظ كرامته وإنسانيته وان يعامل معاملة الأبرياء بغض النظر عن نوع الجريمة أو كيفية ارتكابها, فإذا اقتضت الضرورة المساس بحرية الشخص للبحث عن الحقيقة فيجب أن يتم ذلك في حدود ما تقضي به القوانين وألا تمس إلا بالقدر الضروري الذي يستوجبه تحقيق العدالة, وعليه فان مس الحرية الشخصية للمتهم استناداً إلى ذلك لا يعتبر انتهاكا لحق البراءة بل ضرورة يتطلبها التحقيق للوصول إلى الحقيقة.
2- الشك يفسر لصالح المتهم
إن عبارة الشك يفسر لصالح المتهم هي قاعدة واجبة الإتباع, ومن أهم نتائج افتراض البراءة في المتهم, ومن الأسس المهمة في حق المتهم في الدفاع, فإذا حصل شك لدى المحكمة في تقدير قيمة الأدلة, أو شك في ثبوت التهمة على المتهم فانه في هذه الحالة الرجوع إلى الأصل وهو براءة المتهم, فالأصل براءة الذمة, واليقين لا يزول بالشك, إنما يزول بيقين أخر كما جاء في قواعد الفقه الإسلامي40.
لذا فان مجال تطبيق هذا المبدأ في مجال تقدير أدلة الإثبات وليس في تفسير القانون, كما إن مبدأ أصل براءة المتهم يقرر قاعدة قانونية ملزمة للقاضي يجب إعمالها كلما ثار لديه شك في الإدانة, فإذا خالفها واعتبر الواقعة محل شك ثابتة وقضى بالإدانة كان حكمه باطلاً, ويجوز أن يستند الطعن في الحكم بذلك41.
ويبدو إن تطبيق مبدأ (الشك يفسر لمصلحة المتهم) في دور التحقيق واضحُ للعيان عند عدم توافر الدلائل والإمارات الكافية على اتهامه بارتكاب جريمة ما ففي هذه الحالة يكون ذلك موجبا لعدم اتخاذ أي إجراء من الإجراءات الماسة بالحرية الشخصية ضده خاصة إذا كانت هذه الدلائل لا تؤكد أو تصل إلى مرحلة الاحتمال بإسناد الجريمة للمتهم42.
4- لا يلتزم المتهم بإثبات براءته
إن عبء الإثبات يقع دائما على عاتق سلطة الاتهام, حيث إن براءة المتهم مفترضة فعلى من ينسب إلى شخص ارتكاب جريمة فعليه يقع عبء الإثبات, وعلى سلطة الاتهام أي الادعاء إثبات توافر جميع أركان الجريمة وإقامة الدليل على مسؤولية المتهم عنها, فلا يقتصر دور الادعاء على مجرد إثبات عناصر الواقعة الإجرامية بشهادة أو دليل مادي, بل يتعدى ذلك إلى إثبات عدم توفر أي سبب يؤدي إلى تبرئة المتهم بمعنى إن الواقعة لا تخضع لسبب من أسباب الإباحة أو موانع المسؤولية, إلا إن هناك حالات مستثناة حيث يقع عبء الإثبات على المتهم, ومن ذلك إثبات انه كان في حالة دفاع شرعي, أو انه ارتكب الفعل تنفيذا للقانون أو أمر سلطة قانونية43.
الخاتمة
إن أهمية حماية حقوق الإنسان في دور التحقيق تنبع من كونها من الحقوق الأساسية لتعلقها بذات الإنسان, لذا فان حماية حقوق المتهم وضماناته تحفظ له كرامته وأدميته وهي إحدى المظاهر المهمة لأي تطور ديمقراطي, فجوهر احترام حقوق الإنسان يتمثل في حب العدل والإنصاف وبغض الظلم. وان القضاة هم أولى الناس بالاهتمام بحقوق الإنسان مستمدين حقهم من القانون بما يمثلوه في المجتمع باعتبارهم يحكمون باسم الشعب فعليهم مراعاة حقوق المتهم بتوفير حقوقه والتي تتلخص بان يعامل معاملة إنسانية وإحاطته علما بالتهمة المنسوبة إليه وحصوله على الوقت الكافي لإعداد دفاعه وحضور محام للدفاع عنه والتعامل معه كبريء إلى أن تثبت إدانته بمحاكمة عادلة والتي كفلها له الدستور والقوانين النافذة ونادت بها الشرائع السماوية وأكدت عليها العهود الدولية لحقوق الإنسان, هذا من ناحية ومن ناحية أخرى ضرورة تطبيق العدالة الجنائية ومراعاة حقوق المجني عليه سواء كانت شخصية طبيعية أم معنوية.
آملين أن يكون هذا البحث قد ارتقى إلى المستوى المطلوب على الرغم من التقصير وعدم الكمال فالكمال لله وحده.
قائمة المراجع
أولا - الكتب
1- د. احمد فتحي سرور – أصول قانون الإجراءات الجنائية – دار النهضة العربية 1969
2- الأستاذ حسين جميل _ حقوق الإنسان والقانون الجنائي – معهد البحوث والدراسات العربية – 1972
3- جمال محمد مصطفى – شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية – 2005
4- رنا علي حميد السعدي _ ضمانات الحرية الشخصية للمتهم _ أطروحة ماجستير قدمت إلى مجلس كلية الحقوق _ جامعة النهرين _ 2007
5- د. سامي النصراوي _ دراسة في أصول المحاكمات الجزائية – مطبعة دار السلام 1974
6- عبدالامير العكيلي و د.سليم حربة – أصول المحاكمات الجزائية – الجزء الأول والثاني- دار الكتب للطباعة والنشر – 1980 – 1981
7- عبد الله بن منصور البراك – حق المتهم في الدفاع في نظام الإجراءات الجزائية السعودي _ أطروحة دكتوراه مقدمة لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية .
8- المحامي الدكتور كامل السعيد _ شرح أصول المحاكمات الجزائية – دار الثقافة للنشر والتوزيع _ 2005
9- د. محمد سامي النبراوي _ استجواب المتهم –المطبعة العالمية – 1968 -1969
10- د. محمد محمد مصباح القاضي _ حق الإنسان في محاكمة عادلة _ دار النهضة العربية
ثانيا – القوانين
1- دستور جمهورية العراق لسنة 2005
2- قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 المعدل
3- قانون الادعاء العام رقم 159 لسنة 1979 المعدل
4- قانون المحاماة رقم 73 لسنة 1965 المعدل
ثالثا – المواقع الالكترونية
1- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948 مركز القضاء العراقي للتوثيق والدراسات www.iraqja.org
2- العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية 1966 مركز القضاء العراقي للتوثيق والدراسات www.iraqja.org
3- العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية 1966 www.aihr.org.tn/arabi
4- نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية المعتمد في روما 1998 اللجنة الدولية للصليب الأحمر www.icrc.org
5 – مكتبة حقوق الإنسان في جامعة منيسوتا http://www1.umn.edu/humanrts/arabic/comdoc.html
الهوامش
1- الدكتور احمد فتحي سرور _ أصول قانون الإجراءات الجنائية.
2- القاضي جمال محمد مصطفى _ شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية.
3- الأستاذ عبدالامير العكيلي والدكتور سليم حربة - أصول المحاكمات الجزائية.
4- د. سامي النصراوي _ دراسة في قانون أصول المحاكمات الجزائية.
5- الدكتور احمد فتحي سرور _ أصول قانون الإجراءات الجزائية.
6- الفقرة (13) من المادة 19من دستور جمهورية العراق والمادة (123) قانون أصول المحاكمات الجزائية.
7- الفقرة (ب) من المادة 126 من قانون أصول المحاكمات الجزائية.
8- الفقرة (أ) من المادة (128) من قانون أصول المحاكمات الجزائية.
9- الفقرة (أ) من المادة (128) من قانون أصول المحاكمات الجزائية.
10- المحامي الدكتور كامل السعيد _ شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية _ 2005.
11- المادة (51) من قانون أصول المحاكمات الجزائية.
12- الفقرة (ا) من المادة (52) من قانون أصول المحاكمات الجزائية.
13- المادة (3) فقرة (ثانيا) من قانون الادعاء العام.
14- الأستاذ حسين جميل – حقوق الإنسان والقانون الجنائي.
15- حق المتهم في محاكمة عادلة _دراسة مقارنة _ عمر فخري عبد الرزاق ألحديثي – دار الثقافة للنشر.
16- حق المتهم في محاكمة عادلة _دراسة مقارنة _ عمر فخري عبد الرزاق ألحديثي – دار الثقافة للنشر.
17- الدكتور محمد سامي النبراوي – استجواب المتهم.
18- دكتور محمد محمد مصباح – حق الإنسان في محاكمة عادلة.
19- المادة (5) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
20- المادة (7) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
21- الفقرة (ج ) من المادة (37) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005.
22- قرار محكمة التمييز الاتحادية\ الهيئة العامة \ بعدد 96 \هيئة عامة \ 2007 في 31\10\2007.
23- دكتور محمد سامي النبراوي – استجواب المتهم.
24- فقرة (أ) من المادة (126) أصول المحاكمات الجزائية.
25- د.سامي النصراوي – دراسة في أصول المحاكمات الجزائية – الجزء الأول.
26- الفقرة (2) من المادة (9) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
27- المادة (93) قانون أصول المحاكمات الجزائية.
28- المادة (123) قانون أصول المحاكمات الجزائية.
29- الدكتور محمد محمد مصباح القاضي _ حق الإنسان في محاكمة عادلة.
30- الفقرة (3) من المادة (14 ) العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
31- الفقرة (11) من المادة (19) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005.
32- المادة (27) من قانون المحاماة رقم 173 لسنة 1965 المعدل.
33- الفقرة (أ) من المادة (57) من قانون أصول المحاكمات الجزائية.
34- الأستاذ حسين جميل _ حقوق الإنسان والقانون الجنائي _ 1972.
35- قرار المحكمة الجنائية المركزية في بغداد 792\ هيئة جزائية \ 2005في 7\8\2005.
36- الأستاذ عبدالامير العكيلي والدكتور سليم حربة –أصول المحاكمات الجزائية.
37- محمد محمد مصباح – حق الإنسان في محاكمة عادلة.
38- الأستاذ حسين جميل – حقوق الإنسان والقانون الجنائي.
39- الأستاذ حسين جميل _ حقوق الإنسان والقانون الجنائي.
40- الدكتور احمد فتحي سرور – أصول قانون الإجراءات الجنائية.
41- الأستاذ حسين جميل _ حقوق الإنسان والقانون الجنائي.
42- رنا علي حميد السعدي _ ضمانات الحرية الشخصية للمتهم _ أطروحة ماجستير قدمت إلى مجلس كلية الحقوق _ جامعة النهرين _ 2007.
43- عبداللة بن منصور البراك _ حق المتهم في الدفاع في نظام الإجراءات الجزائية السعودي _ أطروحة دكتوراه مقدمة لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية. | |
|