وليد Admin
عدد المساهمات : 656 تاريخ التسجيل : 22/05/2010 العمر : 36 الموقع : كوردستان
| موضوع: قراءة في قانون برلمان المحافظات العراقية 6/8/2010, 11:11 | |
| قراءة في قانون برلمان المحافظات العراقية زكي رضا الجمعة 13/11/2009 ان تعديل قانون الانتخابات بصيغته الاخيرة من قبل مجلس النواب ، قد وضع عمليا العراق وتجربته الديموقراطية الوليدة على كف عفريت . حيث استمرت الكتل الطائفية والقومية في مسعاها ، من حيث انتهى بول بريمر ، في تطبيق سياسة الولايات المتحدة الامريكية بعيدة المدى للبننة العراق . ان الجهات السياسية المتنفذة ومن خلال صفقات سرية فيما بينها على ما يبدو ، قد بدأت في الثامن من تشرين الثاني من العام الحالي ، في تطبيق الخطط الامريكية لتقسيم العراق الى ثلاث مناطق ، حسب التوزيع القومي والطائفي فيها ( شيعي - سني - كردي ) . وعلى حساب وحدة الوطن الديموقراطي الفدرالي الموحد ، حيث تسمح التعديلات الاخيرة في قانون الانتخابات والنتائج التي ستتمخض عنها ، وما جاء في الدستور من مواد بشأن الاقاليم ، الى قيام الاطراف التي تعنيها شرذمة العراق ورهن اجزاء منه لسياسات دولة جارة ، وبعد فترة لن تكون بالطويلة ، على اعادة محاولات احياء اقليم الوسط والجنوب ، خصوصا بعد ان تجلس الاطراف الاسلامية الطائفية الى طاولة المفاوضات برعاية الاخ الايراني الكبير .
ان القوى التي شدّت حبل كركوك لفترة ليست بالقصيرة ، يبدو انها عملت على ارخاءه . بعد ان اتفقت على تمرير قانون الانتخابات ، بما يحقق لها ليس مصالحها التي حققتها في الانتخابات السابقة وانتخابات مجالس المحافظات فحسب ، بل وتعزيزها ايضا . ويبدو واضحا للعيان اليوم ، ان مسألة كركوك لم تكن الا غطاءاً لمنح هذه القوى نفسها وقتا اطول ، في سبيل الوصول الى تعديلات تسمح لها بالاستحواذ الكامل على السلطتين التشريعية والتنفيذية ، وهذا ما تحقق لها فعلا ، بفضل الخدر السياسي للقوى الديموقراطية وتشرذمها وسذاجتها من جهة ، واستسلامها لواقع تستطيع ان تغيره او ان تحد منه على الاقل ، لو اتفقت فيما بينها على القواسم المشتركة الكثيرة التي تشترك فيها ، بالاضافة الى انانية البعض منها من جهة اخرى ، انانية البعض من الذين تركوا مصير بلدهم في مهب الريح ، من اجل مقعد برلماني في قوائم لا تريد نزع عباءتها الطائفية عنها ، او لا تستطيع بالاحرى ، تاركين كل تأريخهم النضالي رهنا عند قوى سياسية ، تبيت الشر لوطنهم وللتجربة الديموقراطية الوليدة ، ويجب ان لا نغفل الدور الذي لعبته المرجعيات الدينية في العراق والتدخلات الاقليمية في ايصال الامور الى ما هي عليها اليوم . والايام القادمة ستثبت قصر نظر هذه المرجعيات ، بعد ان تعود الاوضاع غير المستقرة ( الغير مستقرة اصلا ) الى سابق عهدها . عندما تفشل القوى الطائفية ، في ترجمة ما تحتاجه الجماهير الى انجازات تنتظرها منذ فترة طويلة ، كما فشلت في السنوات الاربع الماضية .
ان القانون الجديد جاء على مقاسات القوائم والاحزاب المتنفذة ، حيث استغلت هذه القوائم والاحزاب اخر سنتيمترا مربعا من خرقة (الديموقراطية ) ، التي فشلت في اول امتحان ديموقراطي حقيقي لها . هذه الديموقراطية التي بدلا من ان تعمل على اعلاء شأن المواطنة ، في اعتمادها الوطن دائرة انتخابية واحدة ، وعلى ان يكون البرلمان القادم متنوعا من الناحية السياسية ، دقت مسماراً اخراً في نعشها ، لتفسح الطريق امام حلم الاقاليم الثلاثة ، ضاربة عرض الحائط مطالب الشعب ورفضه للطائفية كحل سياسي للبلاد . وهذ ما اكدته هذه الجماهير خلال انتخابات مجالس المحافظات السابقة ، عند عزوف 49 % من الناخبين واستنكافهم من الذهاب الى صناديق الاقتراع . ويبدو ان اعداد هذه الجماهير مرشحة للازدياد ( اذا لم تتدخل المرجعية الدينية والسيد السيستاني تحديدا ) ، بعد التقارير التي رفعتها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ، عن الاقبال الضعيف من الناخبين لتحديث السجلات الانتخابية حتى اليوم .
ان قراءة سريعة لقانون الانتخابات ، الجديد يشير وبصورة لا تحتاج الى كثير من الفطنة السياسية ، الى لصوصية الذين تبنوا هذا القانون وطائفيتهم .
ففي المادة الاولى من القانون ، تم تقليص عدد المقاعد التعويضية من 45 مقعدا في القانون القديم الى 15 مقعدا في القانون الجديد . ثمانية مقاعد منها للمكونات العراقية (خمسة من حصة المكون المسيحي ، ومقعد واحد لكل من المكونات الايزيدية والشبك والصابئة المندائيين) ، اما المقاعد السبعة المتبقية فقد تم تخصيصها للعراقيين في الخارج ، ولما كان عدد العراقيين في الخارج يقارب الاربع ملايين عراقي . منتشرون في العديد من البلدان ، وحسب قانون الانتخابات نفسه وليس غيره ، والذي يحدد المقعد الانتخابي بواقع واحد الى 100000، فاننا وبعملية حسابية بسيطة سنكتشف سرقة ثلاثة و ثلاثون مقعدا من قبل القوى المهيمنة على البرلمان . ومن دون حساب مقاعد تعويضية للقوى السياسية ، التي تجتاز العتبة الانتخابية وقاسمها المطلوب على الصعيد الوطني ، دون حصولها على القاسم الانتخابي على صعيد المحافظة التي اعتبرت دائرة انتخابية واحدة بحدودها الادارية .
اما المادة الثانية والفقرة (ب) من المادة الرابعة من القانون ، فانهما فتحا الباب على مصراعيه للتغيير الديموغرافي في بعض المحافظات . وخصوصا تلك التي هجرت وهاجرت منها الاف العوائل ، بسبب الاحداث الطائفية ( بعد تفجير المرقدين الشيعيين في سامراء ) ، فبعد اعتبار كل محافظة من المحافظات الثماني عشر دائرة انتخابية بحد ذاتها ، ووفق اخر احصائيات البطاقة التموينية ، فان المشرعون لهذا القانون الغوا متعمدين المواطنة العراقية على ان تحل محلها المناطقية ، في ترسيخ لمبدأ الطائفية - القومية ، اما نص الفقرة (ب) من المادة الرابعة ( تكون طريقة تصويت المهجرين وفق احدث احصائية رسمية تزود بها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات من وزارتي الهجرة والمهجرين والتجارة وبموجبها يحق للمهجر التصويت للدائرة التي هجر منها ما لم يكن قد نقل بطاقته التموينية الى المحافظة التي هجر اليها ) . فأنه شرعنة من قبل البرلمان العراقي ، لعمليات التطهير العرقي التي جرت في البلاد ، وسلخ هؤلاء المهجرون والمهاجرين من مناطقهم الاصلية ارضاءا لقوى طائفية اخرى ، والا فهل هناك عاقل في العراق ، يعتقد من ان المهجرين والمهاجرين وعلى الرغم من عدم التفات الدولة الى مشاكلهم ، كانوا قادرين على العيش دون بطاقات تموينية ، كي لا يقوموا بنقلها الى المحافظات التي هاجروا اليها ؟ ان هذه الفقرة خطرة للغاية وستعمل في حالة عدم الغائها ، الى ترسيخ الواقع الطائفي للعديد من المحافظات العراقية ، التي كانت حتى الامس القريب من المحافظات المتنوعة عرقيا وطائفيا ، والتي ستساهم هي الاخرى ( الفقرة ب من المادة الرابعة ) في تحقيق احلام المطالبين بأقليم الوسط والجنوب مستقبلا .
اما ثالثة الاثافي فهي الفقرة الثانية و الرابعة من المادة الثالثة في القانون ،الذي وجه ضربة محكمة للديموقراطية الوليدة التي اصابها الشلل ولا زالت تحبو . وتمثل ايضا استهتارا من الكتل البرلمانية الكبيرة بالمواطن العراقي ، وسرقة صوته مثلما حصل في انتخابات مجالس المحافظات السابقة ، عندما سرقت هذه الكتل مليونين وربع المليون من اصوات الناخبين الذين لم يصوتوا لها اساسا . كما وتنسف هذه المادة كل تعهدات هذه الكتل ودجلها في بناء عراق ديموقراطي ، وعلى الضد من الدستور العراقي الذي يلتزمون به عندما تكون بنوده في صالحهم ، ويركلونه عندما لا تكون بعض بنوده في صالحهم .
اما الفقرة ثانيا من المادة السادسة فأنها تنص على ان ( المحافظات المشكوك في سجلاتها هي من تجاوز معدل النمو السكاني اكثر من 5 % سنويا على ان يقدم طلب التشكيك من 50 نائبا على الاقل ويحظى بموافقة مجلس النواب بالاغلبية البسيطة ) . وهذا يعني ان معدل النمو السكاني بين العراقيين هو 5 % سنويا . والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو ، هل العراقيين الذين يعيشون خارج العراق لديهم معدل نمو مشابه لبقية العراقيين داخل العراق ام لا ؟ فأذا كان الجواب نعم ، وهو فعلا كذلك فكيف تقلصت نسبة مقاعد عراقيي الخارج الى سبعة مقاعد فقط ؟ واين هي هذه الزيادة المفروضة ، ام تبخرت هي الاخرى في قدر الطائفية ، الذي يغلي بجثث ابناء شعبنا في الشوارع والاسواق ؟ ام ان عراقيي الخارج اصيبوا بالعقم مثلاً ؟ ام ان هناك اوبئة تنتشر بين اوساط العراقيين في الخارج فقط ، والذي قلل عدد العراقيين في الخارج الى 700000 نسمة فقط ؟!! لتكون المقاعد المخصصة لهم سبعة فقط .
ان الاحزاب والشخصيات السياسية الوطنية ، ومنظمات المجتمع المدني الذي مثلوا مجتمعين مليونين وربع المليون ناخب عراقي في انتخابات مجالس المحافظات . عليهم وفي حالة عدم اجراء التعديلات القانونية الكفيلة ، باعادة مسار العملية الديموقراطية الى مسارها الصحيح . ليس بمقاطعة الانتخابات فقط بل وتثقيف جماهير شعبنا على مقاطعتها ايضا . فنسبة ال 49 % من العراقيين ، الذين كانوا قد فقدوا ثقتهم بالعملية السياسية حينها وقاطعوا انتخابات مجالس المحافظات . ازدادت اليوم بعد فشل الاسلام السياسي في ادارة شؤون الدولة ، وتردي الخدمات والامن ولصوصية اعضاء البرلمان وبعض الوزراء المحسوبين على القوى الدينية . ان مقاطعة الانتخابات سيقلص القاعدة الاجتماعية لهذه الاحزاب وهذا مطلب وطني قبل كل شيء .
اما الاسباب الموجبة لتشريع القانون فهي ( لغرض اجراء انتخابات حرة وديموقراطية ونزيهة في العراق وبغية الارتقاء بهذه الانتخابات الى المستوى المطلوب وفق المعايير الدولية المعتمدة والمطالب الشعبية شرع هذا القانون ). وهذه اتركها للقاريء كاستراحة بعد يوم عمل شاق .
الدنمارك
11 / 11 / 2009 | |
|