مقدمة :
يحتل المعلم مركزًا رئيسيًا في أي نظام تعليمي، بوصفه أحد العناصر الفاعلة والمؤثرة في تحقيق أهداف ذلك فإنها تبقى محدودة التأثير إذا لم يوجد المعلم الكفء الذي أعد إعدادًا تربويًا وتخصُصيًا جيدًا ، بالإضافة إلى تمتعه بقدرات خلاقة تمكنه من التكيف مع المستحدثات التربوية ، وتنمية ذاته وتحديث معلوماته باستمرار .
وعملية تقويم أداء المعلم تساعد المؤسسات التعليمية في تحقيق مجموعة من الأهداف، من بينها قياس مدى تقدمه أو تأخره في عمله وفق معايير موضوعية والحكم على المواءمة بين متطلبات مهنة التدريس ومؤهلات المعلمين وخصائصهم النفسية والمعرفية والاجتماعية ، بالإضافة إلى الكشف عن جوانب القوة والضعف في أداء المعلم مما يمكن المؤسسة التعليمية من اتخاذ الإجراءات التي تكفل تطوير مستوى أدائه وتعزيزه .
يقول هوارس مان Horace Man أحد التربويون "إن التدريس هو أصعب الفنون وأعمق العلوم ، وهو في حالته المثلى يتطلب معرفة تامة بالدارس وبالطريقة الصحيحة في التدريس والتي تؤثر عليه" .
فإذا اخترت مهنة التدريس فعليك أن تفحص بعناية الكفايات الواجب توافرها للنجاح في هذه المهنة .
أهمية الموضوع :-
ظهر الاهتمام بتطوير أداء المعلم يأخذ مكانه الصحيح ، في تطوير العملية التربوية والتعليمية ؛ شاملة المناهج ، وطرق التدريس ، والإمكانات المدرسية ، وتقنية التعليم ، والإدارة المدرسية ، والأنشطة وغيرها . بهدف تحسين نوعية التربية ، بعد الانتقاد الشديد من المجتمع ومؤسساته التي تصب سخطها على مؤسسات التعليم العام بعد أن برز ضعف الطلاب في الحد الأدنى من الكفاءات اللازمة في المراحل اللاحقة .
تعريف الكفاية لغة:-
جاء في المعجم الوسيط (1392ه9 :"من كفاه كفاية استغنى بِه عن غيره فهو كاف ، ومفرده كفيء ، وجمعه أكفياء . ص 791 .
كفي: الليث: كَفَى يَكْفِي كِفايةً إِذا قام بالأَمر. ويقال: اسْتَكْفَيْته أَمْراً فكَفانِيه. ويقال: كَفاك هذا الأَمرُ أَي حَسْبُك، وكَفاكَ هذا الشيء. وفي الحديث: من قرأَ الآيتين من آخِر سورة البقرة في ليلة كَفَتاه أَي أَغْنَتاه عن قيام الليل، وقيل: إِنهما أَقل ما يُجزىء من القراءة في قيام الليل، وقيل: تَكْفِيانِ الشرَّ وتَقِيان من المكروه. وفي الحديث: سَيَفْتَحُ اللَّهُ عليكم ويَكْفِيكم اللَّهُ أَي يَكْفيكم القِتالَ بما فتحَ عليكم.
والكُفاةُ: الخَدَمُ الذين يَقومون بالخِدْمة، جمع كافٍ. وكفَى الرجلُ كِفايةُ، فهو كافٍ وكُفىً مثل حُطَمٍ؛ عن ثعلب، واكْتَفَى، كلاهما: اضْطَلَع، وكَفاه ما أَهَمَّه كِفايةً وكَفاه مَؤُونَته كِفاية وكَفاك الشيءُ يَكْفِيك واكْتَفَيْت به. أَبو زيد: هذا رجل كافِيك من رَجُل وناهيك من رجل وجازيكَ من رجل وشَرْعُكَ من رجُل كله بمعنى واحد. وكَفَيْته ما أَهَمَّه. وكافَيْته: من المُكافاة، ورَجَوْتُ مُكافاتَك.
ورجل كافٍ وكَفِيٌّ: (لسان العرب لابن منظور)
تعريف الكفاية اصطلاحاً:
عرفها الفرا (1989م) بأنها " مجمل سلوك المعلم الذي يتضمن المعارف والمهارات والاتجاهات بعد المرور في برنامج محدد ينعكس أثره على أدائه ، ويظهر ذلك من خلال أدوات قياس خاصة تعد لهذا الغرض " ص41.
وعرفها زيتون (1425ه ،ص 52) بأنها :"القدرة على تحقيق الأهداف والوصول إلى النتائج المرغوب فيها بأقل التكاليف من جهد ومال ، والكفاية في التدريس تتمثل في جميع الخبرات والمعارف والمهارات التي تنعكس على سلوك المعلم المتدرب ، وتظهر في أنماط مهنية ، خلال الدور الذي يمارسه المعلم عند تفاعله مع جميع عناصر الموقف التعليمي ".
وأشار دليل المفاهيم الإشرافية (1426ه ،ص101).
بأنها :"هي المعارف والمهارات المهنية التي يجب أن يملكها المعلم ويستطيع ممارستها من أجل أن يؤدي واجباته التعليمية أداء متقناَ . أو هي ما يلزم أن يعرفه المعلم ويقدر عليه ليؤدي واجباته التعليمية بكفاءة" . وهذا أقرب التعريفات .
التفريق بين الكفاية والكفاءة :-
والكفاءة كما عرفها المعجم الوسيط بأنها :"هي المماثلة في القوة والشرف ، والكفء : القوي القادر على
تصريف العمل ، وجمعه أكفاء "ص 791 .
الكفاءة كما يعرفها خطابية (2002م) بأنها : "قدرة المعلم على القيام بعمله بمهارة وسرعة وإتقان". ص137.
وذكر أيضا :"المعلم الكفء هو من يؤدي دوره بكفاءة عالية ويكون قادراَ على توفير المناخ المادي
والنفسي والاجتماعي الذي يشجع على التعلم" ص138
بينما يرى جعفر أيوب أن " الكفاءة تتعلق بالناحية الكمية والكفاءة بالناحية الكيفية أو النوعية" (5،ص62) .
أهمية تحديد الكفايات للمعلم :
? تصميم برامج تأهيل المعلمين في كليات التربية وكليات المعلمين .
? تحديد احتياجات برامج النمو المهني الفردي والجماعي للمعلمين أثناء الخدمة.
? كشف أوجه القصور العلمية والمهنية لاستكمالها ذاتياً ومؤسسياً.
? وصف المتطلبات العلمية والمهنية للتدريس الناجح ، فهي المادة الأساس لبناء أدوات قياس وتقويم التدريس للأغراض التكوينية والرسمية . دليل المفاهيم الإشرافية (1426،ص101).
عدد الكفايات
اختلفت وجهات نظر التربويون حول الكفايات الضرورية للمعلم حسب مجالاتها ، ونوعيتها ،وإعدادها ،
وتباين عددها. فمنهم من عدها خمس وثمانون كفاية ؛ موزعة على ستة مجالات رئيسية ، والبعض الأخر
جعلها ست وأربعون كفاية ؛ موزعة على خمسة مجالات ، بينما اقتصر غيرهم على تسع كفايات فقط .
قطامي وآخرون (1425ه ،ص 13).
مكونات الكفايات :
أورد دليل المفاهيم الإشرافية (1426، ص102) مكونات كفايات المعلم وهي :-
? العلم بالمعتقد والقيم والأخلاق التي يؤمن بها المجتمع التربوي الرسمي والأهلي واحترامها في شخصيته وسلوكه .
? معرفة المنهج ( بمعناه الواسع ) والمحتوى العلمي للمادة.
? مهارات التدريس ، ومراقبة وتقويم ورعاية التعلم الطلابي.
? إدارة الصف والعلاقات الإنسانية في بيئة العمل .
? للتأمل والمراجعة والنقد الذاتي .
أسس تحديد الكفايات :
يشير دليل جامعة ستانفورد (1976) إلى أن الكفايات اللازمة للتدريس هي :-
1. تنظيم الدرس .
2. اختيار المحتوى .
3. مشاركة المتعلمين.
4. التفاعل والانسجام بين المعلمين والطلاب.
5. العلاقة بين المعلم وبقية الهيئة التدريسية.
6. المشاركة في الأنشطة المجتمعية الرابطة للمدرسة بالمجتمع .
يرون .(Hoerner.2000) (Elliot1993)(Kerry.1995)أن المصادر الأربعة التالية يمكن من خلالها اشتقاق الكفايات التعليمية اللازمة للمعلم وهي :
1. النظرة الفلسفية .
2. النظرة التطبيقية .
3. النظرة العلمية التخصصية .
4. العلاقة بين المعلم والطالب .
وقد حدد كوبر Cooper ) 1973( أسسا أربعة لاشتقاق وتحديد الكفايات التدريسية هي :
1- الأساس الفلسفي :
ويعد هذا الأساس الذي يتم في ضوئه وضع الغايات والأهداف والمنطلقات التي تتفق مع قيم المجتمع وفلسفته .وهو محدد هام لأدوار المعلم والمشرف التربوي في ضوء الكفايات التعليمية اللازمة لأداء أدوارهم بأسلوب علمي سليم .
2- الأساس الأمبريقي :
هي أسس علمية باعتبار ما ينتج عن العلوم الإنسانية الاجتماعية والسلوكية ، وما ينتج من مدخلات تسمح باشتقاق كفايات المعلم و المشرف التربوي .
3- أساس المادة الدراسية :
منطلق لتحديد الكفايات التعليمية اللازمة التي تستنج من خلال البناء المعرفي ، وتنظيماته المتنوعة في مجال المادة الدراسية ، وتسمى غالباً بالكفايات التخصصية الفنية والتي تقوم على المعرفة خاصة .
4- أساس الممارسة :
ويعتمد هذا الأساس على تحليل ما يفعله الأكفاء من المعلمين في أثناء أدائهم لمهامهم التدريسية بدقة مثل : إدارة الحوار والمناقشة ، وإشراك الطلاب في العملية التعليمية والتعلُّمية ، وإدارة الصف وتوجيه الأسئلة والتعزيز لاستجابات الطلاب الصحيحة وغيرها من الممارسات التي يكون مصدرها سلوك المعلم .
وأضاف جرادات وآخرون (1404ه ) المصادر التالية :
1- التخمين :
حيث يفكر المربي فيما يراه من كفايات لازمة لعمل المعلم ، ويسجل هذه الكفايات .
2- الملاحظة :
وتكون بملاحظة المعلمين والمشرفين التربويين ، وهم يؤدون مهماتهم ، وبتحليل مهامهم العقلية والانفعالية والأدائية ، مع وضع معايير لتوضيح درجة الإتقان المطلوبة لكل نشاط ، ثم ترجمتها إلى أهداف ، يليها تحديد الأنشطة التي ينفذها المعلم تخطيطاً أو أداءً أو تجريباً أو إدارة صف أو أسئلة بشتى صورها ، ثم تحلل الأنشطة مستهدفةً استخراج المهارات الأساسية التي تلزم دوماً للقيام بالنشاط، وهكذا يسجل الكفايات التي يمارسونها ، و الكفايات التي يحتاجون إليها في ضوء الملاحظة الدقيقة للموقف وفي ضوء تأثيرهم على تغيير سلوك طلابهم .
ومن الملاحظ هنا أن التخمين والنظرة الفردية ليستا بأساليب علّمية موضوعية يعتمد عليها في هذا الجانب ، وينقصها الصدق والبعد عن الذاتية بعيداً عن توجهات المشرف أو المعلم المدون لتلك الكفايات .
وأضاف الهرمة (1996م) المصادر التالية :-
1- فحص المقررات الدراسية – وترجمتها إلى كفايات :
ويتم إعادة تشكيل المقررات الموجودة وتحويلها إلى عبارات تقوم على الكفاية .ويذكر هول وجونز (1976م) " أن ترجمة المحتوى تعني تحويل محتوى مقرر ما والتدرج من الأهداف العامة إلى الأهداف الخاصة مروراً بالكفايات وذلك في خط متصل يمكن تصويره على النحو التالي :
المقرر ?الأهداف ? العامة ? الكفايات العامة ? الكفايات المعرفية? الأهداف التعليمية والمهارية"
ص 46 .
2- قوائم الكفايات :
تعد القوائم الجاهزة للكفايات الكثيرة العدد مصدراً هاماً للاشتقاق ، لكونها تنتقى من عدد كبير من الكفايات التربوية والتعليمية المراجعة والمُعدة سلفاً والمطورة باستمرار . وهنا يجب وضع استراتيجيه واضحة ومحددة للاختيار ويبرز دور المحكمين والخبراء كثيراً . بغدادي (1985م ، ص 31).
3- استطلاع آراء العاملين في الميدان :
يعتمد على الآراء الموضوعية النابعة من دافع العمل الميداني بمشاكله واحتياجاته .
4- الأسس التي يقوم عليها النظام التعليمي في (البلد) .
5- أهداف التربية في مراحل التعليم العام .
6- دراسة خصائص النمو في مراحل التعليم العام . {3-4-5-6} الشيخي (1422ه ، ص 27).
والملاحظ أن في هذه المصادر لاشتقاق الكفايات افترضت وجود المعلم السليم جسدياً وعقلياً وانفعالياً .ولذا سمتها كفايات تدريس .
معوقات وعيوب برامج الكفايات:
أورد البابطين (ص 272)
? عدم وضوح مفهوم الكفايات بالنسبة للعاملين في مجال التربية والتعليم .
? التأكيد على السلوك القابل للقياس ولكون حركة الكفايات منبثقة من رحم المدرسة السلوكية فإن هذه الحركة لا تهتم كثيرا بالأمور التي لا يمكن ملاحظتها أو قياسها بشكل دقيق وموضوعي.
? تطبيق الكفايات تحتاج إلى إمكانات مادية وطاقات فنية وبشرية ضخمة.
? مقاومة التغيير من قبل بعض العاملين في ميدان التربية والتعليم .
? عدم توصيف الأدوار والكفايات الأساسية للمهن التعليمية توصيفا دقيقاً.
? التركيز على الأساليب النظرية في تنمية الكفايات والتعليم بشكل عام .
? قلة التدريب أثناء الخدمة .
المصادر والمراجع
1 . مصطفى ابراهيم وآخرون ( 1426ه ) ، المعجم الوسيط ، دار الدعوة ، ط4 .
2.خطابية ، ماجد (2002م) ،التربية العملية الأسس النظرية وتطبيقاتها ،دار الشروق ، عمان ، الأردن ، ط1.
3. جرادات ، عزت وآخرون ،(1404ه) ، التدريس الفعال –عمان –المكتبة التربوية المعاصرة ،ط2.
4. (البابطين ، عبدالعزيز ( 01425ه)، اتجاهات حديثة في الإشراف التربوي –الرياض ، ط1.
5. وزارة التربية والتعليم بالسعودية ،(1423ه) ،دليل المفاهيم الإشرافية – الرياض – ط1.
6. الهرمة ، محمد سالم (1996م) برنامج مقترح لتنمية بعض الكفايات اللازمة لمعلمي اللغة العربية بالمرحلة الثانوية بالجماهيرية الليبية – رسالة دكتوراة غير منشورة – جامعة الفاتح – طرابلس .
7. الشيخي ، ابراهيم بن محمد (1421ه) الكفايات التربوية والتخصصية اللازمة للمشرفين التربويين على تعليم اللغة العربية ،رسالة ماجستير غير منشورة ،كلية التربية- جامعة أم القرى .
8. وزارة التربية والتعليم بمملكة البحرين (ديسمبر2003م) ، مجلة التربية البحرينية العدد 10 .
9. 7- J.M.Cooper ,(1973) et.al.'teaching with competencies"Jornal of teadner Education,vol.24 No.I.Pp 17-20