مفهوم وسمات العولمة الاقتصادية

استاذ / شفان فتاح عبدالرحمن
المعهد التقني في العمادية


شهد الربع الاخير من القرن العشرين وبشكل اكثر تحديدا عقد التسعينات العديد من التغيرات العالمية السريعة والمتلاحقة والعميقة في اثارها وتوجهاتها المسقبلية ,فالاقتصاد العالمي تحول بالفعل الى قرية صغيرة متنافسة الاطراف بفعل الثروة التكنلولوجية والمعلومتية واصبح هناك سوقا واحدا يوسع دائرة ومجال المتنافسة لكل المتعاملين الدوليين ,واصبح اللاعبون الفاعلون في السوق العالمية ليس فقط الدول والحكومات بل منظمات عالمية وشركات متعددة الجنسيات وتكتلات اقتصادية عملاقة والكل يحاول توحيد سلوك اللعبة والتعامل ويسعى بكل قوة الى اقتناص الفرص ومواجهة التهديدات في اطار ازالة القيود بكل اشكالها وتحرير المعاملات في ظل التحول نحو اليات السوق.
وقد نتج عن كل ذلك مفهوم جديد لايزال يثير جدلا واسع النطاق حوله من حيث تحديده واثاره وابعاده ألا وهومفهوم العولمة ( Globalization ) الذي لايمكن استيعابه إلا في ظوء تلك المتغيرات وفي اطار تزايد الاعتماد الاقتصادي المتبادل . وتكون الاسواق العالمية وتحركات الاسعار , والتغيرات في حجم ونوعية الانتاج وتوجهات التجارة العالمية وتحركات رؤوس الاموال الساخنة التي تستخدم بشكل مؤثر في المضاربة الدولية من خلال المضاربين الدوليين والتابعين في معظم الاحيان للشركات المتعددة الجنسيات التي تعمل باستمرار على تخفيض تكلفة النقل والاتصالات وتحقيق التطورات التكنلولوجية ومن ثم تحقيق العولمة . وبناء على ذلك فقد انتشرت العولمة على كافة المستويات الانتاجية والتمويلية والمالية والتكنلولوجية والتسوقية والادارية , ومن ناحية اخرى تعددت انوانها ومجالات تطبيقها , فهناك العولمة الاقتصادية التي تبقى هي الاساس والمتبع لكل الانواع والتي تنقسم بدورها الى العولمة الانتاجية والعولمة المالية وهذا لاينفي وجود توابع اخرى للعولمة الاقتصادية حيث توجد العولمة السياسية والعولمة الثقافية والعولمة الاجتماعية.
ومن اهم سمات العولمة الاقتصادية
1- التحرر المتزايد للاقتصادات والاسواق الوطنية من التدخلات الحكومية والتحول الى اقتصاد السوق .
2- التسارع في نمو معدلات التجارة الدو لية في السلع والخدمات وحرية حركة رؤوس الاموال عبر الحدود الوطنية .
3- بروز دور الشركات متعددة الجنسيا ت , كفاعل اساسي في الانتاج والتجارة الدولية .
4- تقسيم جديد للعمل على مستوى الدولي , ازدياد درجة التكامل اوالاعتماد المتبادل بين الاقتصادات على المستوى الدولي يفتقر الى التكافؤ بعيدا عن العدالة في توزيع المنافع .
5-نمو الاتجاه الى تكوين تجمعات اقتصادية اقليمية ينظر البعض لها على انها خطوة على طريق العولمة .
-6تقليص سلطة الدولة الوطنية وانكماش قدرتها على رسم السياسات الاقتصادية وتنفيذها من منظور وطني خالص وتحول صلاحياتها الى المؤسسات الدولية اوالى القطاع الخاص المحلي .
7- ظهور مؤسسات وهياكل دولية تهدف الى تنظيم اوضاع الاقتصاد العالمي(منظمة التجارة العالمية ,مؤتمر الامم المتحدة للتجارة والتنمية ,اضافة الى ازدياد نشاط صندوق النقد والبنك الدوليين , مؤسة ضمان الاستثمار )
اضافة الى كل ذلك انتشار انماط الاستهلاك الشعبي والثقافة الشعبية السائدة في دول الغرب الراسمالي (الغزو الثقافي ) , وهذه التطورات غير مفصولة عن التطورات السياسية التي شهدها العالم مؤخرا بانهيار الكتلة الاشتراكية بزعامة الاتحاد السوفييتي , ومساعي الولايات المتحدة للتربع على راس الهرم في نظام عالمي جديد عرف (بنظام احادي القطبية ) واخيرا يمكن القول بايجاز ان جوهر العولمة هو تصميم النظام الراسمالي على كل ارجاء المعمورة ( بدرجات متفاوتة ) مع تعرضة لعمليات تطوير شملت بنيتة واسلوب ادارته ومن ابرز سماتها حرية حركة رؤوس الاموال والنمو المتسارع للتجارة الخارجية .