إدارة التدريب بهيئة الادعاء العام
مسقط – سلطنة عمان
في التشريع العماني
مقدم من معاون إدعاء عام / أحمد بن طالب الجابري
الإدعاء العام بصحم
كمتطلب لتأهيل معاوني الادعاء العام
"الدفعة الثانية"
استهلالية البحث
بسم الله الرحمن الرحيم
" رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي" صدق الله العظيم
الآية رقم (28) من سورة طه
قال الأصفهاني :-
إني رأيت أنه لا يكتب أحد كتاب في يومه إلا قال في غده لو غير هذا لكان أحسن ولو زيد هذا لكان يستحسن ولو قدم هذا لكان أفضل ولو ترك هذا لكان أجمل وهذا دليل على استيلاء النقص على جملة البشر.
شكر وتقدير
بداية وكما تعودت دائما احمد الله عز وجل صاحب المن والفضل الذي وفقني لإتمام هذا الجهد المتواضع ، ومن ثم كان لزاما علي أن أتشرف برفع أسمى آيات الشكر و الامتنان لسعادة المدعي العام / حسين بن علي الهلالي ونائب المدعي العام / محمد بن علي الحديدي لما يوليانه لنا نحن معاوني الادعاء العام (الدفعة الثانية) من اهتمام بالغ بالعون والمساعدة ومتابعتهم المستمرة لنا مما كان له عظيم الأثر في رفع معنوياتنا والعمل دائما على كسب المعرفة والاستفادة من تجربة خوضنا لمضمار الواقع العملي.
كما أقدم الشكر إلى كل من قدم لي يد العون والمساعدة ولمن كان لهم من فضل في إنجاز هذا الجهد المتواضع وإخراجه إلى حيز الوجود ، و أخص بالشكر أستاذي مساعد المدعي العام / سعيد بن محمد الكلباني لما فاء علي من علمه الغزير بكل تواضع وسخاء فكان نعم المرشد والمعين ومنحني من وقته أثمنه ومن علمه أخصبه فكان لذلك الأثر الكبير في إعداد هذا البحث.
كما أقدم شكري وعرفاني إلى أساتذتي الأجلاء أعضاء لجنة المناقشة لتفضلهم مشكورين بالموافقة على مناقشة هذا البحث وتهذيب زلاته ، وتقويمه وإغنائه بملاحظاتهم وتوجيهاتهم.
معـد البحـث / أحمـــد الجـابـري
مقدمة:-
لقد بدأ نظام إعادة الاعتبار كمنحة من الحاكم ، فكان إداريا في بدايته ثم تطور حتى أصبح قضائيا وقانونيا ، حيث أصبح أحيانا يترتب لمصلحة المحكوم عليه بحكم القانون ، وفي حالات أخرى يصدر بحكم قضائي بناء على طلب من المحكوم عليه وبشروط تطلبها القانون.(1)
والتشريع الجزائي العماني وكتشريع حديث لم يتخلف عن التشريعات الجزائية الأخرى بالأخذ بنظام إعادة الاعتبار ، فأدخل هذا النظام كسبب من أسباب سقوط الأحكام الجزائية ورتب عليه محو حكم الإدانة بالنسبة للمستقبل كسبب من أسباب استعادة المحكوم عليه لحقوقه المدنية والسياسية التي حرم منها بسبب حكم الإدانة دونما مساس بالحقوق المدنية للغير الناشئة عن الجريمة،وهذا ما نجده في المواد(333الى348)من قانون الإجراءات الجزائية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم97/99والمعدل بالمرسوم السلطاني رقم42/2003 فقد أخذ القانون العماني بهذا النظام على صورتين:
أ)- إعادة الاعتبار القضائي والذي يحتاج إلى صدور حكم قضائي به بناء على شروط أهمها تنفيذ العقوبة ، أو سقوطها بالتقادم ، أو العفو عنها ، وانقضاء الفترة القانونية ، والوفاء بالالتزامات المدنية الناشئة عن الجريمة .
ب)- إعادة الاعتبار القانوني والذي يترتب بمرور الفترة القانونية وبحكم القانون دونما حاجة إلى إجراءات أو طلب من جانب المحكوم عليه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر ، صالح احمد محمد حجازي ، إعادة الاعتبار بين النظرية والتطبيق- صـ2
إن أهمية هذه الدراسة تنبع من أهمية هذا النظام ذاته والذي يرفض أن يظل المحكوم عليه يعاني من آثار جريمته إلى الأبد بالرغم من تنفيذه لعقوبتها واستقامة سلوكه بعدها كما أن هذا النظام يرفد المجتمع بالأفراد الصـالحين بعد أن يغسلهـم مـن آثار الجريمـة فيعيدهــم أعضـاء نافعيـن.
- ونظراً لأهمية هذا النظام من جهة ولقلة الشروحات التي تصدر لتوضيحه وسبرغوره فلقد اخترته كموضوع لبحثي هذا سائلا المولى عزوجل التوفيق والإعانة.
• وأما عن منهجية هذا البحث فقد قمت بتقسيمه إلى فصلين متتاليين على النحو التالي :-
الفصل الأول: ماهية رد الاعتبار و موقف الشريعة الإسلامية منة
الفصل الثاني: يتناول رد الاعتبار القضائي و القانوني والآثار المترتبة عليهما.
ولقد توصلنا من خلال هذه الدراسة إلى جملة من التوصيات ختمنا بها عرضنا بأمل دراستها من قبل المعنيين ذات الصلة بموضوع هذا البحث.
هذا و بعد استعراض فصلي البحث سوف اشرع بدايتا بالفصل الأول الذي يحمل عنوان ماهية رد الاعتبار وموقف الشريعة الإسلامية منة.
الفصل الأول
ماهية رد الاعتبار وموقف الشريعة الإسلامية منة
سنقوم بتناول هذا الفصل في ثلاثة مباحث على النحو التالي :-
المبحث الأول : مفهوم رد الاعتبار(ماهيته)
المبحث الثاني: التوبة في الإسلام
المبحث الثالث: الفرق بين التوبة ونظام رد الاعتبار
المبحث الأول : ماهية رد الاعتبار :
إن من يرتكب الجريمة يصبح محلا لإيقاع العقوبة المقررة لها قانونا, كما إن هذه الجريمة تسجل في صحيفة سوابقه فتبقى كالعار تطارد مرتكبها وبناء عليه فان اثر العقوبة لا ينتهي بتنفيذها من قبل المحكوم عليه بل يبقى يلاحقه بعد ذلك وقد تغلق أبواب العمل وأبواب استعادته لمكانته الأصلية عقوبات أخرى كالعزل من الوظيفة , وحرمانه من التقدم لشغل الوظائف العامة(1). لذا وانطلاقا من معطيات مبدأ الدعاية اللاحقة للمحكوم عليه بالعقوبة, أو التدبير الاحترازي والتي تهدف إلى إصلاح الجاني ومنعه من العودة إلى الجريمة وتسهل اندماجه في المجتمع مرة أخرى فقد ظهر نظام إعادة الاعتبار والذي يعتبر كفرصة ينبغي على الجاني أن يستغلها حتى يزيل آثار الحكم والذي سبق وان صدر ضده بالنسبة للمستقبل وذلك مقابل شروط يجب التثبت من وفاء المحكوم عليه بها قبل محو آثار الحكم الصادر ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) محمد سعيد نمور، إعادة الاعتبار نظام نفتقده، مجلة مؤته، صـ193
ضده وهذا النظام يبدو بمثابة غفران اجتماعي واعتراف بصلاح المحكوم
عليه وعدوله عن سبيل الإجرام(1) ولا ينبغي أن يفهم هذا النظـــام لصالح المحكوم علية فقط بل انه لصالح المجتمع بنفس الوقت وذلك بتقليص عدد ذوى السلوك المنحرف , ورفد المجتمع بالعناصر المفيدة.
وفي ضوء ما تقدم فلقد تضمنت كتب الفقه الجزائي تعريفات مختلفة لإعادة الاعتبار فقد عرفه الدكتور محمود نجيب حسني بأنه " إزالة حكم الإدانة بالنسبة للمستقبل على وجه تنقضي معه ويصبح المحكوم عليه ابتداء من رد اعتباره في مركز من لم تسبق إدانته"(2)
والحقيقة أن هذا التعريف مع التقدير الكبير له إلا انه ليس بالجامع المانع, ذلك إن إعادة الاعتبار حتى يصبح حقا للمحكوم عليه, لا بد أن تتوافر فيه شروط قانونية تطلبها القانون وكذلك فانه حق للمحكوم عليه.
لذلك فإنني اختار التعريف الذي قال به الدكتور / رمسيس بهنام : هو "أن ترفع عن المحكوم عليه بعقوبة جنائية أو جنحه الآثار الشائنة التي لحقت به نتيجة الحكم عليه بهذه العقوبة متى توافرت الشروط التي حددها القانون ولم تكن الجريمة من الجرائم التي استثناها القانون"(3).
وتجدر الإشارة هنا إلى أن إعادة الاعتبار لا ينصب على العقوبة ذلك أن العقوبة قد تم تجاوزها إما بتنفيذها أو بسقوطها بالتقادم أو غير ذلك من أسباب انقضاء حق الدولة في العقاب , بل انه ينصب على الآثار المترتبة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) محمود نجيب حسني، شرح قانون العقوبات القسم العام، صـ919.
(2) المرجع السابق، صـ919.
(3) رمسيس، بهنام، النظرية العامة للقانون الجنائي، صـ1189.
على هذه العقوبة فيزيلها عن عاتق المحكوم عليه (1) والتي كانت تحول دون اندماجه مع المجتمع الذي يعيش فيه ، وهذا النظـام تظهر قيمتـه مـن ناحيــة
قانونية أكثر منها اجتماعية حيث أنها لا تظهر من ناحية اجتماعية إلا بصورة غير مباشرة، فقانونا يصبح المحكوم عليه بعد إعادة اعتباره في مركز من لم تسبق إدانته قط حيث أن جميع الآثار المترتبة على الحكم تزول بمجرد صدوره(2) , ولكن من وجهة نظر المجتمع فإن إعادة الاعتبار لا يمنحه صك الغفران حيث يبقى في نظر المجتمع مجرما وذا أسبقيات ولن يجديه نفعا إعادة اعتباره.
هذا وبعد أن انتهينا من مفهوم رد الاعتبار فإنه يثور التساؤل الآن عن النواة الأولى له حيث أنة يعتبر نظاما حديثا نسبيا لم يوجد من العدم وإنما كان نتيجة لتطور فكرة معينة كانت سائدة عند قدماء العرب عامة والأمم الإسلامية خاصة وهي فكرة التوبة ، وهذا ما سيكون في المبحث الثاني.
المبحث الثاني: التوبة في الإسلام
أولا : الشريعة الإسلامية ورد الاعتبار
إن الفكرة الأساسية التي يقوم عليها رد الاعتبار في التشريعات الوضعية هي أنه إجراء يقصد به الإعلان عن حسن سلوك المحكوم عليه خلال الفترة التي مضت بين انتهاء تاريخ تنفيذ عقوبته ورد اعتباره (3).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) محمد سعيد نمور، مرجع سابق. صـ199.
(2) ملاحظة: حيث نجد أن المشرع العماني ضمن رد الاعتبار كأحد الأسباب التي تؤدي إلى سقوط الأحكام الجزائية، انظر المادة(62) جزاء.
(3) د. حسن صادق المرصفاوي، رد الاعتبار للمجرم التائب، صـ55.
فما هو الوضع في الشريعة الإسلامية ؟
لقد ثبت بالاستقراء انه ما من أمر شرعه الإسلام بالكتاب أو السنة إلا كانت فيه مصلحة حقيقية للعباد ، والعقوبات الشرعية قسم من شريعة الإسلام تتجه إلى ما تتجه إليه في جملة غاياتها وهو حماية المصلحة العامة والمحافظة على الضرورات الخمس وعلى المصالح المعتبرة فــــي الإسلام فمقصود الشرع من الخلق خمسة بأن يحفظ عليهم دينهم وأنفسهم وعقلهم ونسلهم ومالهم (1) وقد تسامت العقوبات الشرعية واتجهت ناحية الفضيلة المجردة تحميها وتذود عنها، وإلى الرذيلة تمنعها وتقضي عليها كما اتصلت الشريعة الإسلامية بالضمير الإنساني المتدين ليكون وقاية تقي المجتمع شر الجريمة ولتقوي الألفة وتذهب الحقد الذي يدفع إلى الإجرام . ولكن لم يدرك بعض الناس المصلحة الثابتة في الشرع الإسلامي من التجريم والعقاب لسيطرة الأفكار الخبيثة التي بثها الناكرون للعقيدة الإسلامية فأرادوا التقليد وابتعدوا عن شرع الله فزاغت منهم العقول وضاع منهم طريق الهداية وباتوا منها بلا هوية واستعبدتهم عادات أقوام تحللوا من الدين كأتباع الشيوعية والبهائية أو بهرهم أصحاب الفكر الدنيوي المادي أتباع العلمانية أو جذبهم الفكر الوجودي باتجاهه إلى الانحلال ، ويعرف فقهاء الشريعة الإسلامية الجريمة بأنها محظور شرعي نهى الشرع الإسلامي عن فعله وهى إما ترك واجب أو فعل محرم(2) فإذا مـا اقترف الإنسـان جرما أو أتى محرمـا فانـه يعاقـب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المستشار احمد هبه، موجز أحكام الشريعة الإسلامية في التجريم والعقاب، صـ171.
( 2) د. صالح ذياب هندي ، دراسات في الثقافة الإسلامية ، صــ139
بعقوبات الحدود والقصاص وهي أشد العقوبات في الشريعة الإسلامية وفيها الكفاية لتأديب الجاني وزجره فما هي العقوبة في الإسلام؟
ثانيا: العقوبة في الشريعة الإسلامية
العقوبة في الإسلام هي الجزاء المقرر لمصلحة الجماعة على عصيان أمر الشارع فالله سبحانه وتعالى انزل شريعته للناس وبعث رسولا منهم ليعلم الناس ويرشدهم, فالعقاب مقرر لإصلاح الفرد من أجل حماية الجماعة وصيانة نظامها (1). وهنا لنا أن نتساءل ما هي التوبة؟
لقد عرف الرسول (ص) التوبة بقوله:" التوبة من الذنب آلا تعود إليه آبدا"
فالتوبة هي الندم على ما صدر من العبد من معاصي بعد ما علم بضررها وبذلك يرجع العبد العاصي إلى الله تعالى لتنزيه القلب عن الذنوب وترك المعاصي حالا وفي الاستقبال عزما وتدارك ما يمكن تداركه . فالتائب إلى الله هو الراجع عن نهيه إلى أمره وعن معصيته إلى طاعته وعما يكره إلى ما يرضى، فالعبد تائب إلى الله والله تائب على العبد.(2)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عبدالقادر عودة، التشريع الجنائي الإسلامي مقارنً بالقانون الوضعي، ص609، نقلا عن محمود السرطاوي، وآخرون، نظام الإسلام صـ204
(2) الدكتور فرحان بن علي الجعبيري، وآخر، العقيدة، صـ183.
ثالثا : الحكمة من التوبة
للتوبة حكم ثلاث أولها للجاني وثانيها للمجني عليه وثالثها للمجتمع .
أ. الحكمة من التوبة للجاني:-
أكدت الدراسات بان التوبة أكثر فائدة للمذنب نفسه لان اندماجه في المجتمع لا يجعله عرضه لخطر الانزلاق في مجال الإجرام، قال تعالى"ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا"(1) فلولا التوبة لتكررت المعصية وفي ذلك مفاسد لا تحصى تضر بالمجتمع.
ب. الحكمة من التوبة للمجني عليه :-
تحقق التوبـة مصلحة للمجنـي عليـه بإصـلاح الضـرر الـذي وقـع عليه أو
حصوله على تعويض نتيجة ما أصابه من أضرار دون اللجوء إلى القضاء
ج. الحكمة من التوبة للمجتمع :-
تحقق التوبة المصلحة العامة فهي تحث المذنب على مساعدة العدالة ومراعاة القانون، بحيث انه في حالة توبته ورد اعتباره فانه لا بد أن يكون عضوا منتجا وفعالاً في المجتمع بشكل ايجابيا.
المبحث الثاني :أوجه الشبه والفرق بين التوبة ونظام رد الاعتبار
تتشابه التوبة في بعض صورها مع أحكام رد الاعتبار وتختلف عنه في بعضها الآخر وسوف نقوم بالتطرق لها وتفصيلها على النحو التالي:-
_______________________________________________________________
(1) سورة الفرقان ، الآية رقم 71
• المطلب الأول : أوجه الشبه بين التوبة ورد الاعتبار
أ) اشترط بعض رجال الفقه الإسلامي شرطا لقبول التوبة وهو مضي مدة يعلم بها صدق التوبة وصلاح النية، ولكن هذه المدة ليست مقدرة بمدة
معلومة، ومن شروط نظام رد الاعتبار مضي مده معينة على تمام التنفيذ أو صدور عفو عن العقوبة أو انقضائها بالتقادم.
ب) أيضا من شروط التوبة تلافي ما فات بالجبر أي انه إذا كانت المعصية تتعلق بحق آدمي فلا بد من أن يبرأ من حق صاحبها، يقابل هذا الشرط شرط الوفاء بالالتزامات المالية الناشئة عن الجريمة في نظام رد الاعتبار
ج) أيضا من شروط التوبة العزم على عدم العودة إلى المعصية وهذا الشرط يقابله شرط رد الاعتبار وهو أن يكون المحكوم عليه قد حسنت سيرته وصلح حاله، فإن عاد إلى الذنب فتنزل عليه أشد العقوبات(1).
• المطلب الثاني: أوجه الاختلاف بين التوبة ورد الاعتبار
1 . تكون التوبة بين العبد العاصي وخالقه وهي لا تتطلب من العاصي اللجوء إلى القضاء بينما الجاني يقوم بإجراءات قانونية للحصول على رد اعتباره وقد يحصل على رد اعتباره وقد لا يحصل عليه.
2. التوبة تستلزم صدق الجاني مع ربه ولا يحتاج لحكم يصدر بذلك في حين أن الجاني قد ينال رد اعتباره وقد لا يكون صلح حاله. وجدير بالذكر أن التوبة أقدم في ظهورها من نظام رد الاعتبار الذي يعتبر نظاما حديثا نسبيا أفرزته الحاجة نتيجة لكثرة وتطور الجرائم ، ولـذلك تطلب أن يكـون ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) خميس بن سعيد بن علي بن مسعود الشقصي، الرستاقي ، منهج الطالبين وبلاغ الراغبين ،صــ29
هناك نظاما أكثـر دقـة وثباتا من نظام التوبة الذي يعتبر نظاما بسيطا مؤسسا على علاقة التائب بربه ، وبالتالي يمكن القول أن النظام الجنائي الإسلامي أشتمل على أحدث المبادئ الجنائية التي جاء بها الإسلام منذ أكثر من أربعة عشر قرنا متضمنا ما يطلق عليه في العصر الحديث أرقى المبادئ الجنائية وهو ما نحن بصدد دراسته رد الاعتبار الذي تمثل في الإسلام بالتوبة.
.. كانت هذه لمحة موجزة لفكرة التوبة في الإسلام والتي تعتبر النواة الأولى لنشأة رد الاعتبار، وسوف ننتقل الآن إلى الفصل الثاني حيث سنتعرف فيه على رد الاعتبار في القوانين الوضعية والآثار المترتبة على هذا النظام بنوعية وذلك على النحو التالي:-
أولا : رد الاعتبار القضائي
ثانيا: رد الاعتبار القانوني
ثالثا : الآثار المترتبة عليهما
الفصل الثاني
أولاً : رد الاعتبار القضـــــائي
تمهيد وتقسيم :
رد الاعتبار القضائي هو محو الآثار الجنائية للحكم بالإدانة بالنسبة للمستقبل حيث يصبح المحكوم عليه ابتداء من رد اعتباره كأي مواطن عادي لم تصدر ضده أي أحكام جنائية ، وهو لا يتقرر إلا بحكم قضائي بناء على طلب المحكوم عليه ولا ينتج آثاره إلا من تاريخ صدور هذا الحكم ، حيث يتم بموجبه التثبت(1) من جدارة المحكوم عليه برد الاعتبار ويمارس بشأنه القضاء سلطة تقديرية واسعة فإن شاء استجاب لطلب المحكوم عليه كما له أن يرفض .
وقد عرف الدكتور حسن صادق المرصفاوى رد الاعتبار بأنه" مكافأة للشخص الذي حسن سلوكه بعد تنفيذه الحكم الصادر ضده وهو لا يكون إلا بعد فترة من الزمن تثبت فيها جدارة الشخص لهذه المنحة وذلك بحسن سلوكه".(2)
وسوف يتضمن حديثنا عن رد الاعتبار القضائي المباحث التالية :
المبحث الأول : طلب رد الاعتبار القضائي .
المبحث الثاني : الحكم في طلب رد الاعتبار القضائي .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) احمد عوض بلال ، النظرية العامة للجزاء الجنائي،صـ665
(2) حسن صادق المرصفاوي، مرجع سابق ، صــ69
المبحث الأول : طلب رد الاعتبار القضائي
رد الاعتبار يتم بحكم من المحكمة بناء على طلب المحكوم عليه وفقاً لشروط معينة وسوف نتحدث في هذا المبحث عن :
• المطلب الأول: الأشخاص الذين يحق لهم طلب رد الاعتبار القضائي.
لعل من أشد آثار الحكم الجنائي وقعاً على المحكوم عليه بعد تنفيذ عقوبته إدراج هذا الحكم في صحيفة سوابقه الجنائية(1) فقلما يستطيع مواطن الاستغناء عن هذه الصحيفة سواء عند الالتحاق بالعمل أو غير ذلك من أمور . وبقاء الحكم مدرجاً في هذه الصحيفة إلى جانب استمرار حرمان المحكوم عليه بعقوبات معينة من بعض الحقوق والمزايا يحول دون استرداده لمكانته الاجتماعية كما أنه يقف حجر عثرة في سبيل قيامه بعمل شريف يكسب منه رزقه، ومن الظلم البين أن تستمر الآثار الجنائيـة للحكم كالسيف المسلط على رقاب المحكوم عليهم إلى الأبد وخصوصاً إذا استوفى المجتمع دينه منهم بتنفيذ العقوبة عليهم .
لذلك نجد أن قانون الإجراءات الجزائية العُماني تضمن أحكاماً لرد الاعتبار حتى يتيح للمحكوم عليهم الاندماج في المجتمع كأعضاء عاملين صالحين فيه ، فنصت المادة (333) منه على " يرد الاعتبار لكل محكوم عليه في جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة وفقاً لأحكام هذا القانون" وحددت المادة (335) المحكمة المختصة بالفصل في طلب رد الاعتبار القضائي حيث نصت على " لمحكمة الجنايات منعقدة في غرفة المشورة أن تصدر حكماً برد الاعتبار إذا طلب ذلك متى توافرت الشروط الآتية....الخ "
كما نلاحظ أن المشرع العُماني اشترط أن يكون الفعل الجرمي مخلاً بالشرف أو الأمانة أي بالمفهوم المغاير فإن مرتكب الجنح غير المخلة بالشرف والأمانة فإنه لا داعي إلى أن يتقدم بطلب رد اعتبار فيها وهذا ما يمكن استخلاصه من المادة (348) إجراءات جزائية .
كما و يتضح لنا جلياً أن المشرع لم يتحدث عن المخالفات باعتبار أنه ليس لها آثار جنائية من شأنها التأثير على المحكوم عليه ، فهي لا يعتد بها في العود ولا تظهر في صحيفة السوابق الجنائية ولهذا فهي لا تخضع لنظام رد الاعتبار.
• المطلب الثاني : إجراءات طلب رد الاعتبار .
تضمنت المواد [ 336 – 337 – 340 – 341 – 346 ] من قانون الإجراءات الجزائية تحديد المسار الإجرائي الذي يسلكه طالب رد الاعتبار حتى الفصل في طلبه، فمن ناحية يقدم طلب رد الاعتبار بعريضة إلى الادعاء العام التابع له محل إقامة الطالب ويجب أن يكون مشتملاً على البيانات اللازمة لتعيين شخصيته وأن يبين فيها تاريخ الحكم الصادر عليه والأماكن التي أقام فيها منذ ذلك الحين وهذا ما نصت علية(336) إجراءات
وتجدر الإشارة هنا إلى أن طلب رد الاعتبار هو طلب شخصي لا يكون إلا من المحكوم عليه ذاته فلا يجوز لورثته أن يطلبوه بعد وفاته(1).ومن ناحية ثانية يجري الادعاء العام تحقيقاً بشأن الطلب للاستيثاق من تاريخ إقامة الطالب في كل مكان نزله من وقت الحكم عليه ، ومدة تلك الإقامة وللوقوف
_______________________________________________________________
(1) عدلي عبدالباقي، شرح قانون الإجراءات الجنائية، صـ682، نقلا عن ايهاب عبدالمطلب، الموسوعة الجنائية في شرح قانون الإجراءات الجنائية، صـ641.
على سلوكه ووسائل ارتزاقه وبوجه عام تقصي وجمع كل ما يراه لازماً من المعلومات ويضم التحقيق إلى الطلب ويرفعه إلى المحكمة خلال الشهرين
التاليين لتقديمه بتقرير يدون فيه رأيه ويبين الأسباب التي بني عليها ويرفق الادعاء العام بالطلب :
(1) صورة الحكم الصادر على الطالب .
(2) صحيفة السوابق .
(3) تقرير عن سلوكه خلال فترة تنفيذ العقوبة(1) .
وهذه المواعيد تعد مواعيد تنظيمية لا يترتب على مخالفتها بطلان(2).ومن ناحية ثالثة تنظر المحكمة الطلب وتفصل فيه في غرفة المشورة ويكون لها سماع أقوال الادعاء العام والطالب كما يجوز لها استيفاء كل ما تراه لازماً من المعلومات ، ويكون إعلان الطالب بالحضور قبل الجلسة بثمانية أيام على الأقل استنادا للمادة (340)إجراءات وتحكم المحكمة في الطلب إذا تحققت من توافرالشروط التي يحددها القانون ولا يقبل الطعن في الحكم إلا بطريق النقض لخطأ في تطبيق القانون أوتأويله بناء للمادة(341)إجراءات
فإذا ما حكمت المحكمة برد اعتبار المحكوم عليه فإنه يجب على الادعاء العام أن يرسل صورة من الحكم الصادر برد الاعتبار إلى المحكمة التي صدر عنها الحكم بالإدانة وإلى الجهات المختصة للتأشير بمقتضاه(3).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر المادة(337) من قانون الإجراءات الجزائية.
(2 ) ايهاب عبد المطلب ، مرجع سابق، صـ643.
(3) انظر المادة (342) إجراءات جزائية
فلابد أن يثبت قرار رد الاعتبار في الأوراق حتى يكون سنداً لمن يريد الاحتجاج به ويظهر من هذا عناية المشرع بالتأشير عن رد الاعتبار، أما في حالة إذا رفضت المحكمة طلب رد الاعتبار لعدم توافر شروطه جازت إعادة تقديمه إذا توافرت الشروط التي كانت منتفية ، إلا أننا نلاحظ أن المشرع العُماني وضع تحفظاً على ذلك فإذا رفض طلب رد الاعتبار بسبب راجع إلى سلوك المحكوم عليه فلا يجوز تجديده إلا بعد مضي سنة وذلك ما نصت علية المادة (342) من قانون الإجراءات الجزائية وعلة ذلك أنه إذا ثبت سوء سلوك المحكوم عليه فلا بد أن تنقضي فترة من الوقت للتحقق من تحسن سلوكه ورجوعه إلى جادة الصواب، بالتالي فإن للحكم برفض طلب رد الاعتبار حجية مؤقتة ترتبط بزوال سبب الرفض إذا كان قانونياً وبمضي سنة إذا كان تقديرياً متعلقاً بسلوك الطالب
المبحث الثاني: الحكم في طلب رد الاعتبار القضائي
تمهيد وتقسيم :
بعد أن تحدثنا عن طلب رد الاعتبار ومن هم الأشخاص الذين يحق لهم طلبه وإجراءات هذا الطلب ، نتناول الآن الحكم في طلب رد الاعتبار كالتالي:-
المطلب الأول: شروط الحكم برد الاعتبار.
المطلب الثاني: رد الاعتبار في حالة تعدد الأحكام.
المطلب الثالث: عدم جواز تكرار الحكم برد الاعتبار.
المطلب الرابع: قابلية الحكم برد الاعتبار القضائي للإلغاء.
المطلب الخامس: الطعن في الحكم الصادر برد الاعتبار القضائي
• المطلب الأول: شروط الحكم برد الاعتبار القضائي
تطلب المشرع العُماني لمنح رد الاعتبار القضائي اجتماع شروط أربعة: تنفيذ العقوبة حقيقة أو حكماً ، ومضي فترة التجربة والوفاء بالالتزامات المالية الناشئة عن الجريمة ، وحسن سلوك المحكوم عليه.
• سوف نتناول هذه الشروط بشيء من التفصيل على النحو التالي :-
أولاً: تنفيذ العقوبة الأصلية أو التكميلية تنفيذ كاملاًَ حقيقة أو حكماً.
يتطلب رد الاعتبار بنوعية شرطاً جوهرياً هو أن تكون العقوبة الأصلية التي تضمنها حكم الإدانة قد نفذت بالفعل أو أن يكون قد عرض لها سبب يسقط الالتزام بتنفيذها فتعد بذلك قد نفذت حكماً أو اعتباراً من خلال السبب الذي يقوم مقام التنفيذ ، ويقصد بالتنفيذ الكامل أن يكون المحكـوم عليـه قـد استوفى مدة العقوبة كاملة إن كانت مقيدة للحرية وعلى ذلك فإن مدة احتساب رد الاعتبار القضائي في الأحكام الموقوفة تبدأ من تاريخ صدور الحكم استنادا للمادة (345) إجراءات جزائية وإذا كانت العقوبة بالغرامة فيلتزم أن تكون قد نفذت كاملة ولا يكفي أن يكون المحكوم عليه قد نفذ بالإكراه البدني وبقي جزء من الالتزامات المالية واجب التنفيذ وهذا ما نصت عليه المادتين (335/1) و (338) من قانون الإجراءات الجزائية العُماني حيث أكدتا على أن تكون العقوبة المحكوم بها قد نفذت أو صدر عفو عنها أو سقطت بمضي المدة.
بالتالي يتضح لنا أنه يتساوى مع تنفيذ العقوبة العفو عنها أو سقوطها بمضي المدة ومع ذلك أجازت المادة (338) إجراءات جزائية للمحكمة التجاوز عن الوفاء بالالتزامات المالية في حالة إذا ثبت لها أن المحكوم عليه لا يستطيع الوفاء ، ويعتبر الشرط متوافراً إذا كانت ذمة المحكوم عليه قد برأت من جميع الالتزامات بسقوطها بمضي المدة وفقاً لقواعد القانون المدني(1) والتنفيذ المتطلب في هذا الشرط يجب بداهة أن يكون كاملاً فإذا كانت العقوبة السالبة للحرية مؤقتة وجب تنفيذ مدتها كاملة وإذا كانت مالية وجب دفعها كاملة وإذا كان التنفيذ حكماً عن طريق التقادم وجب أن تكتمل مدة هذا الأخير وهكذا.(2)
ثانياً: أن تكون قد انقضت المدة المنصوص عليها في المادة (335/2) وهي
(1) سنتان من تاريخ تنفيذ العقوبة تنفيذ كاملاً إذا كانت عقوبة جنائية وسنة إذا كانت في جنحة .
(2) سنتان من تاريخ صدور العفو عن العقوبة إذا كانت العقوبة في جناية وسنة إذا كانت العقوبة جنحة وتضاعف المدد في حالتي الحكم للعود وسقوط العقوبة بمضي المدة.
فمن الواضح أن تطلب هذا القيد الزمني لا غنى عنه للتحقق من استقامة المحكوم عليه وجدارته برد اعتباره إليه ، لهذا فرق المشرع في تحديده مدة التجربة بين عقوبة الجناية وعقوبة الجنحة فربط المدة المتطلبة أولاً بنوع العقوبة المحكوم بها وثانياً بالطريقة التي تم بها انقضاء العقوبة فمن ناحية تطول المدة بداهة إذا تعلق الأمر بعقوبة جناية لجسامتها واستمرار وصمتها
فتره أطول بينما تتطلب فترة أقصر عند النطق بعقوبة جنحة .
من ناحية ثانية يرتبط طول المدة بطريقة انقضاء العقوبة فإذا كان ذلك قد تم بطريق التنفيذ الفعلي لها فمن المنطقي تطلب مدة أقصر مما لو تم انقضاؤها بطريق يقوم مقام التنفيذ وهو التقادم في هذا الغرض . ومن أجل ذلك نجد أن المشرع العُماني ضاعف مدة التجربة في هذا الغرض الأخير فجعلها أربع سنوات عند الحكم بعقوبة جناية وسنتان عند الحكم بعقوبة جنحة ويسري ذات العقاب المضاعف إذا كان حكم الإدانة قد صدر ضد محكوم عليه بوصفه عائداً ، ومضاعفة المدة بالنسبة لمن تهرب من التنفيذ - مثل سقوط العقوبة بمضي المدة - هو أمر منطقي حتى لا يتساوى مركز المحكوم عليه الذي نفذ العقوبة مـع من تهرب مــن تنفيذها أو مضاعفتها في حالـــة الحكـم
للـعود لمظنة سوء السلوك مما يقتضي مدة أطول للتثبت من الاستقامة ، وتبدأ المدد المشار إليها من تاريخ اكتمال التنفيذ فإذا استفاد المحكوم عليه من إفراج تحت شرط فلا يبدأ سريان المدة من تاريخ الإفراج وإنما من تاريخ اكتمال المدة المتبقية لتحول الإفراج إلى إفراج نهائي(1) وفي حالة التقادم تبدأ المدة من تاريخ اكتمال مدته وفي حالة العفو عن العقوبة من اليوم التالي لقرار العفو وإذا كانت العقوبة قد قضى معها بتدبير فيبدأ احتساب المدة من اليوم الذي ينتهي فيه التدبير أو يسقط عنه بمضي المدة.(2)
ثالثاً : أن يوفي المحكوم عليه بكل ما حكم عليه به من التزامات مالية:
وضعت هذا الشرط كما أسلفنا سابقاً المادة (338) من قانون الإجراءات الجزائية حيث نصت على " يجب للحكم برد الاعتبار أن يوفي المحكوم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر المادة (345) إجراءات جزائية
(2) أحمد عوض بلال ، مرجع سابق ، صــ668
عليه كل ما حكم عليه به من التزامات مالية للدولة أو للأفراد ما لم تكن هذه
الالتزامات قد انقضت أو أثبت المحكوم عليه أنه في حالة لا يستطيع معها الوفاء " وعلة هذا الشرط واضحة وهي أنه يكشف عن توبة المحكوم عليه ومبادرته إلى إنهاء آثار جريمته ، وبالتالي يثبت جدارته برد الاعتبار هذا فضلاً عما يحققه هذا الوفاء من تهدئه لمشاعر المضرور من الجريمة ولكن نؤكد حيث ذكرنا سابقاً (عند حديثنا حول شرط تنفيذ العقوبة) أن الشرط محل البحث ليس حتمياً إذ تستطيع المحكمة أن تتغاضى عنه إذا تيقنت من عجز المحكوم عليه عن الوفاء به ، ويلاحظ أنه يقوم مقام الوفاء بكل ما تقدم براءة الذمة لسقوط تلك الالتزامات بالتقادم.
رابعاً : حسن سلوك المحكوم عليه :
عبرت عن هذا الشرط المادة (341) من قانون الإجراءات الجزائية بتعليقها الحكم برد الاعتبار على تقدير المحكمة " متى توافرت شروط رد الاعتبار تحكم المحكمة به إذا رأت أن سلوك الطالب منذ صدور الحكم عليه يدعو إلى الثقة بتقويم نفسه " فيتحقق القاضي بكافة ما يعن له من طرق من مدى استقامة سلوك المحكوم عليه حتى يطمئن إلى جدارته برد اعتباره إليه، وبالتالي فهذا الشرط يخول القضاء سلطة تقديرية لتقييم سلوك المحكوم عليه والتحقق من مدى تحسنه و جدارته برد اعتباره(1)
• المطلب الثاني: رد الاعتبار القضائي في حالة تعدد الأحكام
يجوز رد الاعتبار ولو كان الطالب قد سبق الحكم عليه بعدة عقوبات، وفي هذه الحالة يجب توفر شروط رد الاعتبار بالنسبة لكل منها على أن يراعى في حساب المدة إسنادهــا إلى أحـدث الأحكام وقد نصـت علـى ذلك المـادة
(339) من قانون الإجراءات الجزائية فإذا كان طالب رد الاعتبار قد صدرت عليه عدة أحكام فلا يشترط في رد الاعتبار القضائي أن يكون المحكوم عليه لم تتعدد صدور أحكام الإدانة قبله ولا أن تكون هذه الأحكام متضمنة عقوبات معينة ، فلا يحكم برد اعتبار المحكوم عليه إلا إذا تحققت الشروط السابقة – الشروط اللازم توافرها لطلب رد الاعتبار – بالنسبة لكل حكم منها على أن يراعى في حساب المدد إسنادها إلى أحدث الأحكام فرد الاعتبار لا يتجزأ فهو يمحو جميع أحكام الإدانة السابقة ، لذلك فهذه ميزة خاصة لرد الاعتبار فإذا تعددت الأحكـــام التي صدرت ضد طالب رد الاعتبار فلا يجوز رد اعتباره عن بعضها دون البعض الأخر(1) ولا يقبل من المحكوم علية أن يطلب رد اعتباره عن بعض هذه الأحكام دون الأخر، والسبب في ذلك أن رد الاعتبار يعني جدارة المحكوم عليه باسترداد مكانته في المجتمع كمواطن شريف وهذه الجدارة تقدر بالنظر إلى شخصيته في مجموعها ككل لا يتجزأ فإذا كانت شخصيته غير جديرة برد الاعتبار في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وفي ذلك تقول النقض المصرية"إن إعادة الاعتبار إلى المحكوم علية معناها عدة نقي السيرة حسن الخلق ولذلك لا يصلح الحكم بإعادة الاعتبار إلى المحكوم علية بالنسبة لبعض الأحكام دون الأخر"انظر نقض/مج5رقم443صـ687،نقلا عن ايهاب عبدالمطلب ، مرجع سابق،صـ 639
أحد جوانبها فمعنى ذلك أنها غير جديرة به على الإطلاق(1) وإذا قام مانع المدة عن رد الاعتبار بالنسبة لأحدث الأحكام فيجب الانتظار حتى يزول المانع وليس للمحكمة أن تحكم برد اعتبار الطالب عن الأحكام الأخرى.
• المطلب الثالث : عدم جواز تكرار الحكم برد الاعتبار القضائي
• قيد المشرع العماني مرات الحكم برد الاعتبار حيث لم يجز تكرار الحكم برد الاعتبار فقد نصت المادة (344) إجراءات جزائية على انه"لا يجوز الحكم برد الاعتبار للمحكوم عليه إلا مره واحدة" بالتالي فإذا أدين شخص بعد أن رد إليه اعتباره عن إدانة سابقة فلا يجوز رد اعتباره قضائيا عن حكم الإدانة الجديد لأنه بذلك يكون قد كشف عن عدم جدارته بالمزايا التي ينطوي عليها هذا النظام ولا داعي لتكرار التسامح من جانب المجتمع إزاء شخص يكرر الاعتداء على حقوقه وهذا على خلاف رد الاعتبار القانوني.
• المطلب الرابع: قابلية الحكم برد الاعتبار القضائي للإلغاء(2)
نصت المادة (343) من قانون الإجراءات الجزائية العُماني على أنه " يجوز إلغاء الحكم الصادر برد الاعتبار إذا ظهر أن المحكوم عليه قد صدرت ضده أحكام أخرى لم تكن المحكمة قد علمت بها أو إذا حكم عليه بعد رد الاعتبار في جريمة وقعت قبله " فإذا ثبت للمحكمة بعد صدور رد الاعتبار أن المحكوم عليه قد صدرت ضده أحكام أخرى لم تكن المحكمة قد علمت بها أو إذا حكم عليه بعد رد الاعتبار في جريمة وقعت قبله فهذا كلــه
(1) محمود نجيب حسني ، مرجع سابق ، صــ924
(2) للاستزادة انظر ، فتوح عبدالله الشاذلي شرح قانون العقوبات ، القسم العام، صـ428.
من شأنه إثبات عدم جدارة المحكوم عليه برد اعتباره ويصدر حكم الإلغاء في هذه الحالة من المحكمة التي حكمت برد الاعتبار بناء على طلب الادعاء العام استنادا للمادة سالفة الذكر.
• بالتالي يمكن القول أن حالات إلغاء حكم رد الاعتبار هي :-
الحالة الأولى : إذا ظهر أن المحكوم عليه صدرت ضده أحكام أخرى لم تكن المحكمة قد علمت بها ، تفترض هذه الحالة أنه لم يكن تحت بصر المحكمة عند الحكم برد الاعتبار حكم أو أكثر فيجوز الإلغاء حتى ولو كان الحكم الذي لم يكن تحت بصر المحكمة قد توافرت فيه شروط رد الاعتبار طالما أن الحكم برد الاعتبار هو جوازي للمحكمة، وعلة جواز إلغاء رد الاعتبار هي مظنة أن تكون المحكمة التي قضت برد الاعتبار قد اعتقدت أنه لم تصدر ضــد المحكوم عليه أحكام أخرى فأراد الشارع طرح الأمر ثانية لترى المحكمة ما إذا كان اكتشاف هذه الأحكام يغير من تقديرها فيما إذا كان يستحق آم لا.
الحالة الثانية : إذا حكم على المحكوم عليه بعد رد الاعتبار في جريمة وقعت قبله أما إذا كانت الجريمة وقعت بعد رد الاعتبار فلا يجوز الإلغاء كما لا يجوز تكرار الحكم برد الاعتبار عن الحكم الصادر فيها، والإلغاء في الحالتين أمر جوازي للمحكمة ُتعمل سلطتها التقديرية فيه.
• المطلب الخامس: الطعن في الحكم الصادر برد الاعتبار القضائي(1)
يصدر الحكم برد الاعتبار من محكمة الجنايات حيث تنظر المحكمة في طلب رد الاعتبار وتفصل فيه في غرفة المشورة ويكون لها سماع أقوال الادعاء العام والطالب ، كما يجوز لها استيفاء كل ما تراه لازماً من المعلومات ويكون إعلان الطالب بالحضور قبل الجلسة بثمانية أيام على الأقل ، ولا يقبل الطعن في الحكم إلا بطريق النقض لخطأ في تطبيق القانون أو تأويله .
** بهذا فقد انتهينا من رد الاعتبار القضائي وننتقل الآن لنسلط الضوء على رد الاعتبار القانوني الذي يعتبر نظاماً ظهر بعد فترة من تطبيق رد الاعتبار القضائي.
ثانياً : رد الاعتبار القانوني
تمهيد وتقسيم :
ظهر رد الاعتبار القانوني في 1899 إلى جانب رد الاعتبار القضائي الذي اتخذته بعض التشريعات بالنسبة للأحكام الخفيفة ، حيث يكتسب المحكوم عليه رد اعتباره حتماً بحكم القانون بمجرد مرور زمن معين من تاريخ تنفيذ العقوبة أو انقضائها أو سقوطها بالتقادم إذا لم يصدر في أثناء تلك المدة حكم آخر بعقاب جديد . ولقد اخذ به المشرع المصري في القانون رقم 150 لسنة 1950 في نص المادتين 550 و 551 ، وقد تم تعديل المادة 550 بالقانون رقم 271 لسنة 1955 الصادر في 14/6/1955ونشر في 16/6/1955(1) وورد ذكر رد الاعتبار القانوني في قانون الإجراءات الجزائية العُماني الصادر في 1 ديسمبر سنة 1999والمعدل بالمرسوم السلطاني رقم (42/2003) في المادة (334) والتي نصت على " يرد الاعتبار بحكم القانون بعد تمام تنفيذ العقوبة الأصلية والتكميلية أو صدور عفو عنها أو سقوطها بمضي المدة متى مضت خمس سنوات إذا كانت العقوبة في جناية و ثلاث سنوات إذا كانت في جنحة".
وسوف نتحدث عن رد الاعتبار القانوني في مبحثين متتاليين كالتالي:-
المبحث الأول : ماهية رد الاعتبار القانوني .
المبحث الثاني : شروط رد الاعتبار القانوني .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) للاستزادة حول النشأة التاريخية لنظام رد الاعتبار القانوني في مصر انظر المرصفاوي في قانون الإجراءات الجنائية، صـ2004 وما بعدها.
المبحث الأول : ماهية رد الاعتبار القانوني .
رد الاعتبار القانوني هو إزالة حكم الإدانة ومحو أثاره بالنسبة للمستقبل بقوة القانون بمرور مدة معينة من تاريخ تنفيذ العقوبة كاملة أو سقوطها بمضي المدة ، إذا لم يصدر خلال المدة المذكورة حكم بعقاب جديد(1) ، فيصبح المحكوم عليه ابتداء من رد اعتباره في مركز من لم يسبق إدانته ، وبالتالي فإنه يترتب على رد الاعتبار محو الحكم بالإدانة بالنسبة للمستقبل وزوال ما يترتب عليه من انعدام الأهلية والحرمان من الحقوق وسائر الآثار الجزائية(2) حيث نصت المادة (69/2)جزاء على أن "تبطل إعادة الاعتبار للمستقبل مفاعيل جميع الأحكام الصادرة وتسقط العقوبات الفرعية أو الإضافية " ويقوم رد الاعتبار القانوني على قرينة حسن السلوك لمجرد مضي مدة تجربة طويلة نسبياً دون أن يصدر خلالها حكم بعقوبة معينة ويهدف رد الاعتبار القانوني إلى محو أثار الأحكام الجنائية بالنسبة للمستقبل بقوة القانون، كما يفترض رد الاعتبار القانوني دائماً غياب أحكام جديدة وتنفيذ العقوبة وبذلك يتميز رد الاعتبار القانوني عن رد الاعتبار القضائي بأنه أبسط منه شروطاً وأهم مظاهر البساطة فيه أن حسن السلوك يستفاد بقوة القانون دون حاجة لإجراء أي تحقيق يجرى في شأنه وتقييم لمدى جدارة المحكوم عليه برد اعتباره إليه ويرتبط بذلك أن رد الاعتبار القانوني
حتمي فلا وجه لرفضه إذا ثبت مضي مدة التجربة دون صدور حكم بعقوبة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر في ذلك مـأمون محمد سلامة ، مرجع سابق، صـ1319، نقلا عن ايهاب عبدالمطلب ، مرجع سابق ،صـ652وصـ653
(2) انظر المادة(346) من قانون الإجراءات الجزائية
جديدة خلالهـا إذ يعد ذلك قرينـة علـى حسن سلوك المحكــوم عليــه خلال فترة التجربة(1). إلا أننا ومن خلال سردنا السابق فإنه يمكننا القول بأن نظام رد الاعتبار القانوني وبما يحمل في ثناياه من مزايا قد خدشه عيب لربما يكون العيب الوحيد في تصوري وهو أن هذا النظام- رد الاعتبار القانوني – يعيد للمتهم اعتباره كحق مكتسب دونما بحث في سلوكه منذ تنفيذ العقوبة وهذا على عكس نظام رد الاعتبار القضائي والذي يتم فيه التقصي والتأكد من سلوكيات المتهم قبل أن يرد اعتباره ، وبالتالي فإنه يمكن القول أن نظام رد الاعتبار القانوني يفيد صاحب السلوك غير الأخلاقي الذي يعيش على هامش القانون وكذلك من ارتكب جرائم أخرى عديدة ولم يكشف أمرها(2).
المبحث الثاني: شروط رد الاعتبار القانوني
ذكرت المادة (334) إجراءات جزائية شروط رد الاعتبار القانوني وهي قد تكون المادة الوحيدة لدينا و التي بينت أحكام وشروط هذا النظام فقد نصت " يرد الاعتبار بحكم القانون بعد تمام تنفيذ العقوبة الأصلية والتكميلية أو صدور عفو عنها أو سقوطها متى مضت خمس سنوات إذا كانت العقوبة في جناية وثلاث سنوات إذا كانت في جنحة" وبإلقاء نظرة سريعة على نص هذه المادة نجد أنها بينت شروط رد الاعتبار القانوني على النحو التالي :-
أولاً: أن يكون المحكوم عليه قد أتم تنفيذ العقوبة ، أو صدر عفو عنها أو سقطت بمضي المدة على نحو ما تقدم ذكره في شروط رد الاعتبار القضائي ولا حاجة لتكرارها هنا .
ثانياً: أن يكون قد مضى على تمام تنفيذ العقوبة المحكوم بها مدة خمس سنوات إذا كانت العقوبة في جناية ، وثلاث سنوات إذا كانت في جنحة وتحتسب المدة من تاريخ تمام تنفيذ العقوبة إذا كانت قد نفذت ، أما إذا كانت العقوبة قد قضى معها بتدبير فتبدأ المدة من اليوم الذي ينتهي فيه التدبير أو يسقط فيه بمضي المدة وإذا كان قد أفرج عن المحكوم عليه تحت شرط ، فلا تبدأ المدة إلا من التاريخ الذي يصبح فيه الإفراج تحت شرط نهائياً أما إذا كان الحكم مع وقف تنفيذ العقوبة فتبدأ المدة من تاريخ صدور الحكم(1) .
ونحن بصدد استعراض هذا الشرط يمكننا ملاحظة ما جاء به قانون الإجراءات الجنائية المصري في مادته (550) حيث نص على مدد تختلف عن تلك التي نص عليها قانون الإجراءات الجزائية لدينا فمدة رد الاعتبار القانوني في القانون المصري تكون لعقوبات الجنح ست سنوات بحسب الأصل واثنا عشر سنة لعقوبات الجنايات إلا أن الشارع جعلها اثنا عشر سنة ولو كانت العقوبة عقوبة جنحة استثناء من هذا الأصل لأسباب مقدرة في اعتبار المشرع في الأحوال التالية :-
أ) إذا كان الحكم بها صادراً في جرائم معينة قدر لها خطورة خاصة ولو كانت جنحاً مثل جرائم السرقة وإخفاء الأشياء المسروقة والنصب وخيانة الأمانة ( جرائم المال ) والتزوير أو الشروع في أي من هذه الجرائم .
ب) إذا كان المحكوم عليه عائداً أيا كانت صورة العود التي أخذه بها الحكم الصادر بالإدانة وآيا كانت الجريمة التي أدين فيها إذ لا يصح أن تكون المدة للعائد مساوية بغير العائد .
وفي اعتقادي حسن فعل المشرع المصري عندما أوجد للمحكوم عليه العائد أو الذي سقطت عنه العقوبة بالتقادم مدد أطول لرد اعتباره قانوناً عن تلك التي تطبق في الأوضاع العادية – التنفيذ ، العفو – حيث أنه من الإجحاف أن تكون المدة لمن هرب ولم ينفذ العقوبة مساوية لمن نفذها بالفعل وهذا ما لم نجده في مواد رد الاعتبار القانوني بقانون الإجراءات الجزائية لدينا على الرغم أن المشرع وفي المادة (335) في فقرتها الثانية وهو يتحدث عن نظام رد الاعتبار القضائي نجد أنه ضاعف المدد في حالتي الحكم للعود وسقوط العقوبة بمضي المدة. كما يتضح لنا أن المشرع العماني لم يشترط في حالة تعدد الأحكام أن تكون تلك الأحكام مستوفيه لشروط رد الاعتبار القانوني حتى يعاد لطالبه اعتباره وبالتالي فقد يعاد اعتباره قانونا في حكم رغم أنة توجد عليه عدة أحكام قضائية أخرى لم تستوفي شروط رد الاعتبار القانوني وهذا على خلاف رد الاعتبار القضائي والذي يشترط التحقق من توافر كافة الشروط بكافة الأحكام وبهذا نلاحظ أن المشرع المصري أكثر دقة وتفصيلاً في بيان هذه الشروط على خلاف ما أتى به المشرع العُماني وتجدر الإشارة هنا إلى انه يجوز أن يسترد المحكوم عليه اعتباره بحكم القانون أكثر من مره ، بالتالي يمكن القول أن المشرع العُماني لم يشترط شروط أخرى كحسن السير والسلوك أو إثبات مصادر ارتزاق المحكوم عليه – كما هو الحال في رد الاعتبار القضائي – واكتفى بطول المدة عنها في رد الاعتبار القانوني كقرينة على حسن السير وا