[b] سلطنة عمــــــان
الادعاء العام
إعداد معاون إدعاء عام / أحمد بن علي العبري
الإدارة العامة للادعاء العام بمنطقة الباطنة شمال
المقدمة :ـ
لقد أدى تطور التقنيات الحديثة إلى تحقيق قفزة نوعية في حياة الإنسان بفضل ما قدمت ولا زالت تقدم من آلات وأجهزة سهلت عليه حياته وطاب بها عيشه فصار من الصعب عليه الاستغناء عنها.
وتبقى السيارة واحدة من أهم اختراعات العصر إذ بها اختصر الإنسان المسافات والأبعاد وحقق ما كان يرنو إليه منذ زمن بعيد فيسرت له من أمره فصار التنقل بالنسبة إليه أمرا سهلا والسفر متعة.
لكن وكما قال الشاعر أبو البقاء الرندي:
" لكل شيء إذا ما تم نقصان فلا يغر بطيب العيش إنسان"
إذ لا يمر استعمال السيارة أو بقية وسائل النقل الحديثة دون إلحاق الضرر بالذات البشرية وبالمكاسب. وتلك هي ضريبة كل تطور إذ نلقى الحوادث كنتيجة حتمية للسرعة وعدم الاحتياط.
لكن الملفت للنظر هو كثرة الحوادث واطرادها وارتفاع نسق تطورها بشكل مفزع وخطيرو كثرة الضحايا من قتلى وجرحى إلى درجة أن البعض قد وصفها "بحرب الطريق" في إشارة ليست بالخافية إلى تشابه نتائج استعمال المركبات بنتائج الحروب من حيث الخسائر البشرية و والمادية.
وبالفعل فإن الناظر على الإحصائيات التي تنشر سنويا يخالها حربا جنودها السائقين والمارة وسلاحها المركبات.
وقد أهتم المشرع العماني بقواعد المرور فأصدر قانون المرور رقم (28/93م) كما أصدر اللائحة التنفيذية المنظمة له رقم (23/ 98م)
وقد أشار المشرع العماني في قانون المرور ولائحته التنفيذية إلى مجموعة من القواعد المنظمة سواء فيما يتعلق بتسجيل المركبة والترخيص بتسييرها وشروط الأمن والمتانة وقواعد المرور وآدابه ومن ثم أعقب بالتدابير والعقوبات .
كذلك أهتم المشرع العماني وأصدر قانون تأمين المركبات الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ( 34/94) ونصت المادة الثانية منه على " يجب تأمين جميع المركبات لصالح الغير ...." .
ولكن ورغم أهمية هذه التدابير الحمائية والزجرية ودورها في التقليص من عدد حوادث المرور فإنها لم ولن تمكن من القضاء على حوادث المرور , وبالتالي فإن المشكلة الكبرى تظل قائمة
فمن يرجع للمتضرر صحته ويعيد إليه هنائه؟ ومن يؤمن مستقبله من ويلات حادث لا يمر دون ترك بصماته على بدنه فيسلب منه راحته البدنية والمعنوية ؟ ومن يضمن لعائلته العيش الكريم إذا ما تسبب الحادث في حرمانه من الحياة؟
إن الحل الأمثل هو الالتجاء إلى سبيل التعويض وذلك لاستحالة التنفيذ العيني للالتزام بعدم إلحاق الضرر بالغير , أسأل الله ان يعيننا على إتمام المسيرة وتحقيق الهدف إنه على كل شئ قدير واخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
احمد بن علي العبري
صحار في 26/4/2008م .
1ـ فصل تمهيدي :
من المعلوم ان حوادث السير تمثل خطراً كبيراً لا سيما في ظل تزايد عدد الإصابات وكثرة الوفيات , فالسبيل في جبر الضرر هو اللجوء إلى التعويض المادي ولا يمكن إعمال غير ذلك من التعويض فلا يمكن أن يتم التعويض عيني والذي يقصد به هو إعادة الحال قبل وقوع الضرر , لذلك قبل الخوض في الجانب الموضوعي للبحث يتوجب لنا بيان مفهوم التعويض :
يعرف التعويض لغة بكونه البدل أو الخلف فيقال تعوض واعتاض منه أي أخذ العوض. وقد جاء في لسان العرب لابن منظور أن العوض مصدر قولك عاضه، عوضا وعياضا ومعوضة وعوضه وإعاضة وعاوضه والإسم المعوضة. وفي حديث أبي هريرة :"فلما أحل الله ذلك للمسلمين عرفوا أنه قد عاضهم أقل مما خافوا". تقول عضته إذا أعطيته بدل ما ذهب منه، وقد تكرر في الحديث. والمستقبل التعويض. وتعوض منه واعتاض : أخذ العوض ، واعتاض منه واستعاضه : سأله العوض .
ويعرف التعويض اصطلاحا بكونه كل ما يلزم أداؤه من قبل المسؤول عن الضرر للمتضرر بغرض إعادته، كلما كان ذلك ممكنا، إلى الحالة التي كان عليها قبل إصابته بالضرر.
وفكرة تعويض المتضرر عن الضرر الذي ألم به لم يأت بها التشاريع الحديثة بل هي فكرة قديمة ترجع إلى الشرائع البدائية تطورت وظيفة التعويض خلالها من القصاص والعقوبة الخاصة إلى الإصلاح.
وقد ظلت وظيفة التعويض في الشرائع البدائية مرورا بالقانون الروماني وحتى القانون الفرنسي القديم تتمثل في معاقبة الجاني عن فعله الذي أضر بغيره.
وقد كانت القاعدة في العصور البدائية أن أي اعتداء على جسم الانسان وماله يستلزم الرد عليه فقد كان الاعتداء يبعث لدى المتضرر شعورا بالانتقام من المعتدي بغض النظر عما إذا كان هذا الاعتداء مقصودا أم لا. وكان المجني عليه هو الذي يتولى بنفسه أو بمعاونة قبيلته أمر هذا الانتقام، فكان يثأر لنفسه بنفسه دون ضرورة لطلب العون من السلطة العامة. ولم يكن هذا الانتقام يقف عند حد رد الاعتداء بمثله بل كان يتجاوز ذلك فضلا عن أنه ما كان يتحدد بشخص المعتدي إذ كان يمس أي فرد من قبيلته.
إلا أن التعويض ما فتئ يتطور صلب هذه المجتمعات فظهر ما يعرف بنظام التخلي والقصاص و الدية. إذ يقتضي نظام التخلي أن تتبرأ قبيلة المعتدي منه فتتخلى عنه ليقتص منه الجاني دون أفراد عشيرته كما تشاء. كما نقل القصاص المسؤولية من النطاق الجماعي إلى النطاق الفردي فضلا على أنه وضع مبدأ التكافأ بين فعل الاعتداء والجزاء المقرر له.أما الدية فهي مبلغ من المال يدفعه الجاني أو قبيلته إلى المجني عليه ترضية له وجبرا لخاطره وذلك لعلاج الآثار المادية للفعل الضار فكانت الدية تنطوي في واقع الأمر على مقابل ثمن حياة المعتدي الذي يكون تحت سيطرة المجني عليه أو أسرته.
وقد تبنى القانون الروماني وظيفة عقابية للتعويض إذ أن العقوبة التي يقررها على الجاني تتمثل في غرامة مالية يدفعها إلى المجني عليه يراعى فيها جسامة الخطإ المرتكب بغض النظر عن قيمة الضرر الواقع. ومن ثم كانت الغرامة في الواقع تزيد عن قيمة الضرر الذي لحق بالمجني عليه، وبالتالي لم يكن الجزاء ينطوي على تعويض مدني بقدر ما كان يحمل في جوهره معنى العقوبة الجنائية .
ولما كان القانون الفرنسي القديم متأثرا بالقانون الروماني فقد عالج مسألة التعويض عن الأضرار الجسدية انطلاقا من الأفكار الواردة بقانون الألواح الإثني عشر إذ أنه اعتمد فكرة الجريمة الخاصة ووضع غرامة مالية محددة سلفا لا تتأثر بحسب أهمية الضرر مما يؤكد الوظيفة العقابية للتعويض .
التعويض في الفقه الإسلامي :ـ
و قد تبنى الفقه الإسلامي وظيفة إصلاحية للتعويض إذ درج الفقه عل التعبير عن مسؤولية الشخص بتعويض غيره عن الضرر الذي وقع له بأنه الالتزام بالضمان. والضمان شرعا هو الالتزام بتعويض الغير عن الضرر الذي أصابه.
وقد ميز الفقه الإسلامي بين الجرائم التي تقع على حد من حدود الله والتي لا يجوز فيها العفو أو الإبراء أو التصالح ، والجرائم الخاصة التي تقع على حق العبد. وقد أقر الشارع لهذه الجرائم عقوبة القصاص والتعزير والدية والإرش.
ويجب القصاص في القتل العمد وهو من حق ولي المجني عليه. كما يجب في الجناية عمدا على ما دون النفس إذا أمكنت المماثلة بين المحلين في المنافع فمن قطع إصبع آخر قـُطع اصبعه.
أما التعزير في حق العبد فهو كالتعزير في حق الله إذ يقدر الحاكم مقدار العقوبة من ضرب أو حبس.
أما الدية فهي واجبة في القتل الخطإ وهي مائة من الإبل على أهل الإبل وألف دينارا على أهل الذهب وإثنا عشر دينارا على أهل الفضة.
وتجمع الدية بين صفتى العقوبة والتعويض معا. فهي عقوبة لأنها مقررة كجزاء للجريمة. وهي فضلا عن ذلك تعويض لأنها مال يدخل في ذمة المجني عليه أو ورثته فإذا تنازل عنها امتنع لحكم بها.
ومن الثابت أن كل التشريعات تقر بضرورة حماية مصالح المتضررين من الحوادث التي تتسبب في أضرار بدنية فتعوضه عن هذه الأضرار وتكفل له الطرق الإجرائية التي تمكنه من التحصيل عن التعويض. لكن مضمون هذه الحماية هو الذي يختلف من تجربة إلى أخرى.
لكن هنالك فرق شاسع بين نظام يؤسس التعويض على قواعد المسؤولية المدنية ونظام يعزز المسؤولية بقواعد التأمين ونظام آخر تخلى عن قواعد المسؤولية وأنشأ قواعد خصوصية تتماشى والحماية المنشودة.
موقف مشروع قانون المعاملات المدنية العماني :
لم يصدر قانون المعاملات المدنية إلى هذا الوقت في سلطنة عمان إلا أن لا يضير الأمر شئ في الإشارة إلى موقف مشروع القانون العماني فيما يخص التعويض , فنصت المادة ( 176) من المشروع :1) كل إضرار بالغير يلزم فاعله ولو كان غير مميز بالتعويض .
2) إذا كان الإضرار بالمباشرة لزم التعويض وإن لم يتعد , وإذا كان بالتسبب فيشترط التعدي .
ونصت المادة ( 181) " يقدر التعويض في جميع الأحوال بقدر ما لحق المضرور من ضرر وما فاته من كسب بشرط أن يكون ذلك نتيجة طبيعية للفعل الضار .
2ـ أهداف الدراسة :
من خلال هذه الدراسة سعيت حثيثاً لبيان موقف القضاء العماني من دعاوي التعويض للمطالبة عن الأضرار الناجمة عن حوادث المرور , لا سيما في ظل عدم وجود قانون المعاملات المدنية .
3ـ أسلوب البحث :
أسلوب الدراسة هو الأسلوب التحليلي المدعم بأراء الفقه ومبادئ المحكمة العليا في السلطنة .
4ـ خطة البحث :
هذه الدراسة جاءت خلاصتها في مبحثين أساسين الأول تحديد الضرر وتضمن مطلبين هما الضرر الاقتصادي والضرر اللاحق بالذات أما المبحث الثاني فهو المسئولية عن الضرر الناتج من حادث السير وتضمن هو الأخر مطلبين هما التعويض عن الإضرار كلها والثاني عدم تعويض الأضرار الأخرى .
5ــ تقسيم :
الفصل الأول : تحديد الضرر
المطلب الأول : الضرر الاقتصادي
المطلب الثاني : الضرر اللاحق بالذات .
الفصل الثاني : المسئولية عن الضرر الناتج من حوادث السير
المطلب الأول : التعويض عن كل الإضرار .
المطلب الثاني : عدم تعويض الأضرار الأخرى .
المبحث الأوّل: تحديد الضرر :
يهدف التعويض في حوادث المرور إلى تحقيق غاية أساسية وهي إعادة المجني عليه إلى الوضع الذي كان عليه قبل إصابته بالضرر .
يترتب عن حوادث المرور نتائج مفزعة وعواقب وخيمة تمس من جهة سلامة الفرد الجسدية وتلحق به أضرارا مالية، و تخلـّـف له من جهة أخرى آثار يصعب في بعض الأحيان تداركهـا.
ولتحقيـق هذه الغاية سعى المشرع والفقهاء و القضاء إلى تكريس نظام قانوني يكفل للمتضرر حقـّـه في التعويض ويمكـّنـه من سبل تحقيقه.
ويهدف التعويض إلى تجاوز نتائج الحادث وذلك بطريقة غير مباشرة. ويجب أن يكون مناسبا لحجم الضرر محقـّـقـا للمبدأ الشمولي الذي يقوم عليه التعويض كفلسفة وهـو المبدأ التعويضي فيمنح المتضرر التعويض الكافي لتعويضه عن العجز الذي ألمّ به.
وحيث أن المادة( 176) من مشروع قانون المعاملات المدنية العماني نصت الفقرة الأولى منها :" كل إضرار بالغير يلزم فاعله ولو كان غير مميز بالتعويض .
كذلك نصت المادة ( 181) من ذات القانون " يقدر التعويض في جميع الأحوال بقدر ما لحق المضرور من ضرر وما فاته من كسب بشرط أن يكون ذلك نتيجة طبيعية للفعل الضار .
و من هذا الفصل أن التعويض عن الضرر الناشئ عن المسؤولية التقصيرية يشمل عنصرين اثنين: العنصر الأول يتمثل في الخسائر الحاصلة أي ما تلف حقيقة إضافة إلى المصاريف التي بذلت أو التي ستبذل لتدارك الضرر. أما العنصر الثاني فهو ما فات من الربح أي الضرر اللاحق بالذمة المالية للمتضرر.
فيـعدّ ضررا ما يلحق بذمّـة المتضرّر المالية من خسائر تمثل الضررا الاقتصادي (المطلب الأول ) و كذلك ما يلحق ببدنه و معنوياته من عجز وآلام وتشوّهات ويطلق عليه الضـّـرر الذاتـي (المطلب الثاني ).
المطلب الأول : الضـرر الاقتصـادي:
يرتبط الضرر الاقتصادي بالذمّـة المالية ويتمّ تحديده على عنصرين اثنين هما:
الفرع الأول : ما تم إنفاقه لتدارك أضرار الحادث.
الفرع الثاني : وما فات من الربح .
وبيان ذلك على النحو التالي :
الفرع الأول: ما تم إنفاقه لتدراك أضرار الحادث :
من المعلوم أن حادث السير تنتج عنه أضراراً , ولكن المضرور يبذل جهده كي يتدارك تفاقم أو استمرارية الضرر , وعليه فإن مصاريف الإنفاق لتدارك الضرر يمكن أن تكون على هيئة مصاريف التداوي والعلاج أو مصاريف قضائية ويمكن أن تكون مصاريف إصلاح وسيلة الحادث , وفي الأسطر القادمة سوف أبين كل مصروف على حدة من المصاريف المذكورة :
أولا : مصاريف التــداوي:
يترتب عن حادث المرور إصابات بدنية تستوجب في أغلب الحالات تدخلا طبيا عاجلا ومصاريف تداوي لا غنى عن صرفها.
فبعد أن ينقل المصاب من ساحة الحادث إلى المستشفيات يتم علاجه أولا بأول والأصل أن يقوم المتضرّر بدفع ما يلزم العلاج من مصاريف من جيبه الخاص.
وتشمل هذه المصاريف على مصاريف نقل المصاب ومصاريف الإقامة بالمستشفى ومصاريف الأدوية ومصاريف التقويم والأجهزة إذ لا يخفى أن نقل المصاب في حوادث المرور الخطيرة تتطلب في أغلب الأحيان إعداد سيارة إسعاف مجهّـزة وتحوّل طاقم طبـّـي مرافق على عين المكان للإشراف على عملية نقله من مكان الحادث إلى المستشفى أو من مستشفى إلى مستشفى أخر إذا كان يتطلب إجراء المزيد من الفحوصات أو العمليات الجراحية التخصصية .
وتشتمل مصاريف الإقامة بالمستشفى على مصاريف الإقامة ذاتها من أكل وشرب و إعداد المكان ومصاريف العلاج ومصاريف إعداد قاعة العمليات وإجراء العمليات بها.
وتطول قائمة المصاريف بحسب خطورة الإصابة ومكان الاستشفاء وقد تزداد طولا إذا ما ارتأى المريض العلاج والتـداوي في مصحّـة خاصة حيث يكون لكل خدمة مقابلها. لكـــن هل يقع التعويض عن كل هذه المصاريف؟
الإجابة عن هذا السؤال تقتضي التمييز بين نوعين من مصاريف التداوي. المصاريف الضرورية وهي التي يستوجبها العلاج الفعلي للضرر دون مبالغة أو ترف. ومصاريف الترف التي ولئن كانت تهدف إلى العلاج فإنـّـها تجاوز الحد المعقول مثال ذلك السفر إلى الخارج للعلاج في حين أن إمكانية المداواة متوفـّـرة في المستشفيات العمومية.
و معلـوم أنّـه لا يقع التعويض إلا عن المصاريف الضرورية التي يحتاجها المصاب فعلا لتجاوز ما ألمّ به من إصابات. و ترجع مسألة تقدير الصبغة الضرورية لاجتهاد قاضي الموضوع وهذا ما أكدته المحكمة العليا في السلطنة بقولها " استخلاص توافر أركان المسؤولية الجزائية ومدى نشوء سبب من الأسباب المانعة أو المخففة للمسؤولية وتقدير التعويض المناسب لجبر الضرر من المسائل الواقعية التي تستقل بها محكمة الموضوع متى أقامت أسبابها على أسباب سائغة . كما أكدت ذات المحكمة في حكم أخر بقولها " تقدير التعويض للمضرور من أطلاقات محكمة الموضوع وفق ظروف وملابسات كل دعوى ولا رقابة للمكمة العليا عليه متى جاء مبنياً على أسباب سائغة لها أصلها في الأوراق
ولا يُعترف ضمن عناصر التعويض إلا بمصاريف العلاج ومصاريف التداوي الناشئتان مباشرة عن الحادث . ويعني ذلك أن الأضرار التي لم تنشأ عن حادث المرور لا يمكن التعويض عنها في إطار دعوى التعويض كما يفيد كذلك أن قيام العلاقة السببية هي أساس التعويض و حينها فإنه يتمّ التعويض عن مصاريف العلاج المستقبلية تماما كالمصاريف الآنية.
ثانياً : المصاريف القضائـية:
تشتمل المصاريف القضائـية مصاريف الحصول على حكم تنفيذي وتسمّـي عمليا " المصاريف القانونية "وتحتوي على إجراءات رفع الدعوى و الطعون وسماع الشهود وندب الخبير إن كان الأمر يقتضي ذلك وأتعاب المحاماة وغير ذلك .
وتطبيقيا تشتمل مصاريف التقاضي في حوادث المرور على مصاريف عريضة الدعوى والطعون ومصاريف المحاماة وغير ذلك
وتحمل المصاريف في الدعوى الجزائية على المحكوم عليه تطبيقاً للمادة (327) من قانون الإجراءات الجزائية
وحيث ولئن حُمّل المحكوم عليه في إطار الدعوى المدنية أو الجزائية الناشئة عن حوادث المرور المصاريف القضائية فإن المادة (13) من قانون التأمين على المركبات يعفيه منها بموجب قيام عقد التأمين إذ ينصّ على أن المؤمـّـن يتكفل بمصاريف التقاضي الناتجة عن كل دعوى تقام على أساس المسؤولية ضدّ المؤمّـن له.
ثالثاً : مصاريف إصلاح وسيلة الحادث:
تعدّ وسيلة الحادث سيارة كانت أو شاحنة أو درّاجة نارية المتسبب الرئيسي في حصول الأضرار البدنية عند تصادمها كما تتعرض هذه الوسائل بدورها إلى أضرار مادية وجب تحديدها ليتسنى تقديرها.
والضرر اللاحق بوسيلة الحادث يتمثل في العطب اللاحق بها أو التلف الحاصل في جزء منهاوالتي يتطلب إصلاحها توفير ثمن قطاع الغيار الجديدة و أجرة اليد العاملة.
وقد يتعذر في بعض الأحيان إصلاح الوسيلة الصادمة لاستحالة ذلك فنيا أو لتجاوز مصاريف الإصلاح ثمن السيارة وهي جديدة فيكون الضرر كليا.
الفرع الثاني : ما فات من كسب:
يتمثل الكسب الفائت في كل الآثار الاقتصادية السلبية للإصابة على نشاط المضرور الحال أو المستقبل في مجال عمله , سواء تعلق الأمر بقعوده عن ممارسة نشاطه خلال فترة العلاج أو بعجزه الدائم كلياً أو جزئياً عن القيام يعمله .
فمعيار تقدير الكسب الفائت يمكن تحديده على أساس القعود عن العمل أثناء فترة العلاج على ضوء متوسط دخل المضرور خلال فترة معينة
وأنا من جانبي ـ أتفق مع بعض الفقه ـ عندما قرر أنه يتوجب أن يتم تقدير الضرر وفق الظروف الشخصية للمضرور وطبقاً لمصادر دخله وإمكانياته الاقتصادية ومدى تأثير العجز الناتج عن الإصابة على ذلك الوضع , وهذا يخضع للسلطة التقديرية لقاضي الموضوع وقد أكدت المحكمة العليا في السلطنة ذلك عندما قررت إن تقدير التعويض من سلطة محكمة الموضوع تقضي بما تراه مناسباً وفقاً لما تتبينه من ظروف الدعوى وإنها متى استقرت على مبلغ معين فلا يقبل المجادلة , كما أكدت ذات المحكمة في حكم أخر لها " لمحكمة الموضوع السلطة التقديرية في تحديد التعويض المناسب حسب حجم الضرر المادي والمعنوي "
المطلب الثاني: الضرر اللاحق بالذات:
يعتبر الضرر اللاحق بالذات ضررا شخصيا خارجا بطبيعته عن التقييم المالي يمسّ لا بمصلحة المتضرّر المالية فقط بل وبسلامته الجسدية أيضا , ويطال في بعض الحالات حقـه في الحياة , نقسم هذا المطلب إلى الفروع التالية :
الفرع الأول : المساس من السلامة الجسدية ( الضرر المادي) .
الفرع الثاني : الضرر المعنوي .
الفرع الأول: المساس من السلامة الجسدية:
لكل إنسان الحق في سلامة جسمه ويقصد بهذا الحق مصلحة الفرد في أن يظل جسمه مؤدّيا لكل وظائفه العضوية على النحو العادي الطبيعي التي تحدّده قوانين طبيعية وفي أن يحتفظ بتكامله و أن يتحرّر من الآلام البدني .
يلحق المتضرّر في حادث مرور ضرران: الأوّل ذو طابع اقتصادي والثاني ذو طابع شخصي.
ويتمثل الضرر الاقتصادي كما سبق شرحه في القدرة الجسدية الكامنة داخل كل شخص والتي يقع استغلالها اقتصاديا أما الضرر الشخصي فيتمثل في الاعتداء على سلامة البدن وتكامل أجزائه وتناسق وظائفه بشكل يؤثر على ظروف وجود الشخص وعلى ممارسته الـيومية للأنشطة المعتادة.
ويختلف تحديد الضرر البدني الشخصي باختلاف حالة المصاب ومدى التئام جروحه.
فقبل التئام الجروح، أي أثناء مدّة العجز عن العمل يتمثل الضرر فيها يلحق المصاب من آلام وأوجاع نتيجة عدم استقرار حالته الصحية وخضوعه للعلاج.لكن هل يعوض بالفعل عن مثل هذا الضرر؟
في الحقيقة هناك من لا يعترف بالتعويض عن الضرر البدني إثناء هذه الفترة. فمن الأنظمة ما لا تعترف إلا بالأضرار الاقتصادية فلا تعوّض المتضرر إلا إذا نشأ عن ضرره البدني خسائر اقتصادية. ومن بين هذه الانظمة النظام السويسري والنظام النمساوي .
وبالإضافة إلى ذلك فإنـّـه يمكن إدراج الضرر البدني الشخصي ضمن عناصر التعويض عن الخسارة , وقد أكدت المحكمة العليا في السلطنة ذلك بقولها " كل اعتداء على الحق في السلامة والتكامل الجسدي بجسم الإنسان وحقه في الحياة يمثل ضرراً مستقلاً له قيمته الذاتية عن قيم الأضرار الأخرى التي تترتب عليه , وبناءا على ذلك فإن الإصابة تعد ضرراً في حد ذاتها وأن لكل مضرور الحق في أن يعوض عما أصابه من ضرر ويراعى في تقدير هذا الضرر ما إنتقص من سلامة الجسم وتكامله بعد الاهتداء في ذلك بالتقارير الطبية الصادرة من اللجان الطبية المختصة ذات الخبرة في هذا المجال , على إعتبار أن التعويض عن الضرر الجسماني يخضع للقواعد العامة للتعويض تقديراً واقعياً ويترك لقاضي الموضوع تقدير ما يستحقه المضرور في كل حالة وفقاً لمدى تأثر المضرور بما لحقه من إصابة وما يترتب عليها من عجز جسماني "
فمن خلال ذلك المبدأ القضائي نستخلص أن الضرر البدني الذي يصيب المضرور من الحادث يخضع لسلطة القاضي التقديرية وفق ما يثبت له من خلال التقارير الطبية الصادرة من الخبير المختص .
الفرع الثاني : الأضـــرار المعنـــوية:
الضرر الأدبي هو الضرر الذي يصيب الشخص في مصلحة غير مالية لا ينحصر الضرر المترتب على النيل من الحرمة الجسدية للأشخاص في الجانب المادي فقط، وإنما يتعدّاه إلى الجانب المعنوي الذي يحق للمتضرّر المطالبة بالتعويض عنه .
فالضرر الأدبي للإصابة يتمثل في كل ما يمر به المضرور من آلام ومعاناة أثناء فترة العلاج أو بعدها وذلك بسبب ما قد ينجم عن الإصابة من تشوهات أو عجز كلي أو جزئي , لذلك في هذا المطلب سوف أذكر أمثلة على صور الضرر المعنوي و موقف مشروع قانون المعاملات المدنية العماني من الضرر المعنوي وأخيراً موقف القضاء العماني والعربي من الضرر المعنوي .
أولاً : أمثلة على بعض صور الضرر المعنوي :
1)ضرر الآلام النفسية والمعاناة:
يتعرّض المتضرّر في حوادث المرور إلى اعتداء على سلامته الجسدية يكون مصحوبا بآلام حادة ومعاناة وتلك المعاناة بسبب المساس بتوازنه وتكامله الجسماني وما يترتب على ذلك من مضــــايقات في مسلك حياته الطبــــــيعية , أي أن الألم تنتج عن التشـــــوهات أو العــــجز الذي يصيب الجسم .
فالآلام الأدبية المعنوية تختلف عن تلك الألم المادية إذ أن الأخيرة تنشأ من معاناة الإصابة ومن تحمّل وسائل علاجها وهي بالتالي تختلف عن الإصابة نفسها التي يقع تعويضها في باب ما يلحق السلامة الجسدية من أذى.
أما الآلام المعنوية فهي تتمثل في شعور المصاب بالقلق والاكتئاب والخوف من نتائج الإصابة والعجز الدّائم التي سيلحق به بالإضافة إلى القلق على مصير الأبناء -إن كان له أبناء - ولا يجوز الاستهانة بهذا القلق إن أن تأثيرهُ على المتضرّر قد يتجاوز تأثير الآلام الجسدية فتعوق في بعض الأحيان تقدّم العلاج وتِؤخر التآم الجروح , وهذا ما أكدته المحكمة العليا في السلطنة بقولها " يدخل الضرر المعنوي في حساب التعويض في أغلب التشريعات المعاصرة , ويمثل في الآلام الجسدية التي يعانيها المضرور من جراء الجروح أو التلف الذي يصيب الجسم والآلام النفسية التي يمر بها المصاب بسبب المساس بتوازنه وتكامله الجسماني وما يترتب على ذلك من مضايقات في مسلك حياته الطبيعي بما ينتج من تشوهات أو عجز يصيب الجسم أو المضايقات الناجمة عن حرمانه من إشباع حاجاته الطبيعية المألوفة في الحياة وتمتعه بحياته العادية"
وأكدت ذات المحكمة في حكم أخر لها بقولها " يدخل التعويض عن الضرر المعنوي الذي لحق بالمجني عليه في حساب التعويض العام في أغلب التشريعات ويتمثل عادة في الآلام النفسية والمعاناة التي مر بها المصاب بسبب المساس بتوازنه الجسماني ومن المضايقات الناجمة عن حرمانه من إشباع حاجاته الطبيعية المألوفة وتمتعه بحياة عادية "
2)الضرر الذي يصيب ذوي المصاب ( الضرر المرتد) :
إن الضرر الجسماني الذي يصيب المضرور غالباً ما يكون مصدراً لأضرار أخرى تلحق الأشخاص الذين تربطهم به روابط معينة مادية أو عاطفية , حيث يترتب على إصابة أو وفاة المضرور الأصلي المساس بتلك الروابط مما يسبب لهم ضرر معنوي أو أدبي , إذاً فالضرر الذي يلحق ذوي المصاب دائما يكون ضرراً أدبيا وليس مادياً , كأن يكون المضرور الزوج أو الزوجة مما يؤدي إلى إلحاق الطرف الأخر حزناً كبيراً , أو كأن يكون المضرور هو رب الأسرة فينقطع عن الأسرة وسائل الكسب المعتادة عليها مما يؤدي إلى إلحاقهم ضرر جراء ذلك , وهذا ما يسمى بالضرر المرتد او المنعكس .
يستقر الأمر في غالبية النظم القانونية المعاصرة على تعويض الضرر المرتد , لذلك سوف أبين مفهوم الضرر المرتد ومن ثم شروطه وموقف القضاء العماني من الضرر المرتد
1) مفهوم الضـرر المرتـدّ:
الضرر المرتدّ أو الضرر بالتبعية أو الضرر المنعكس دوال لها مدلول واحد وهو ما يلحق الشخص من ضرر مباشر نتيجة الإصابة اللاحقة بغيره. وفي مجال حوادث السير فإن الضرر المرتد هو ما ينتج من إصابة المجني عليه أو موت تلحق من تربطهم به علاقات من أقارب أو أصدقاء.
لكن ليس كل ما يلحق الغير من أذى مادي أو معنوي يعتبر ضررا مرتدا موجبا للتعويض ولا كل من حزن لموت صديق أو قريب أو حبيب صاحب حق في التعويض ومن ثمّ كان لابدّ من تحديد شروط الضرر المرتد حتى يمكن المطالبة بالتعويض الأدبي .
2) شـروط الضرر المنعكس:
يتوقف استحقاق المتضرّر بالتبعية للتعويض على توفر شروط الضرر التي يقرّها الفقه و فقه القضاء وهي أن يكون الضرر شخصيا(أ) مباشرا(ب) محققا(ج) وشرعيا(د).
أ- الضــرر الشـخصي:
يكون الضرر شخصيا إذا ما لحق المتضرّر بالتبعية وتسلـّط عليه هو بذاته وأدّى إلى إدخال ارتباك في ذمّته المالية أو أثّر على معنوياته بشكل سلبي.
وعادة ما يقع التفريق على أساس هذا الشرط بين الدعاوي التي تُفتح للمتضرّر غير المباشر وخاصّة بين الدّعوى الشخصية والدّعوى الموروثة . ففي حين يقوم المتضرّر في الدّعوى الأولى باسمه لطلب التعويض عن ضرره الشخصي فإنه وفي الدّعوى الثانية يقوم بالدّعوى نيابة عن مورّثه لطلب ما لحق المجني عليه من خسائر تتمثل فيما فاته من الرّبح وما صرفه أثناء فترة العلاج والتداوي.
وبالتالي فإنه لقبول دعوى التعويض عن الضرر المنعكس أو المرتد لا بدّ من أن يقوم المتضرّر باسمه الخاص لطلب التعويض عمّا لحقه من خسائر مادية ومعنوية , فالتعويض عن الألم الذي يصيب بعض الأشخاص من جراء موت المصاب فإن التعويض عنه لا يستحق إلا للأشخاص محددين على سبيل الحصر هم الأزواج والقارب إلى الدرجة الثانية .
وقد أكدت المحكمة العليا في السلطنة بقولها " إذا توفي الشخص في حادث مروري نجم عن ذلك دعويين دعوى مروثة ودعوى شخصية وتتعلق الأولى بحق الورثة في المطالبة بالحق في التعويض التي تنشأ في ذمة المجني عليه قبل موته عن الأضرار التي لحقته بسبب الإصابة أو الموت وذلك عن طريق دية النفس التي شرعها الفقه الإسلامي وفي هذه الحالة لا يجوز الجمع بين الدية وبين أي تعويض أخر , أما الدعوى الشخصية تتعلق بحق ذوي المتوفى في المطالبة بالتعويض عما أصابهم من ضرر شخصي من جراء الضرر الأصلي الذي حل بالمجني عليه وهو ما يسمى بالضرر المرتد ولا يوجد ما يمنع من تقدير هذا التعويض بقدر الحق المضرور من ضرر وما فاته من كسب حتى ولو جاوز التعويض الذي يقدر بقيمة الديه "
ب- الضــرر المباشر:
قد يبدو استعمال عبارة الضرر المباشر في غير محلّها من أوّل وهلة ذلك أن الأصل أن الضرر المنعكس بطبيعته غير مباشر . إلا أن المقصود هنا هو العلاقة السببية بين الضرر اللاحق بالغير والحادث.
ويعتمد على نظرية السبب المنتج في تقدير طبيعة الضرر وعلى أساسه، فإن الأضرار التي تلحق بالمتضرّر بالتبعية - والتي من الممكن أن تنتج عن الحادث أو عن غيره من الظروف- لا تعتبر من بين الأضرار المباشرة. ومثال ذلك تضرر دائن المجني عليه الذي أودى حادث المرور بحياته من عدم وفاء مدينه بالتزاماته التعاقدية المتمثلة في خلاص الدّين. فمن الثابت هنا أن الدائن قد أحاط به ضرر نتيجة عدم خلاص دينه أو التأخير فيه إلا أنه لا يمكن منحه تعويضا وذلك لأن ضرره غير مباشر .
ج- الضَّــرر المحقـق:
يجب أن يكون الضرر محقق الوقوع بأن يكون قد وقع فعلا أو سيقع حتما .أمّا الضرر المحتمل فهو ما قد يقع وقد لا يقع. فلا يكون التعويض واجبا إلا إذا وقع.
وعلى هذا الأساس فإن على المتضرّر ضررا منعكسا أن يثبت ما لحقه فعلا من خسائر مادية ومعنوية. ولا يمكن تصور أن يلحق المتضرر بالتبعية ضرر بدني إلا في حالات نادرة .
د- مساس الضَّــرر بمصلحة شرعية:
ولئن كان الضرر اللاحق بغير الضحيّة بطريق الانعكاس شخصيا ومباشرا ومحققا، فإن اصطباغه بصبغة الضرر المنعكس تتوقف على شرعية المصلحة الواقع المساس منها.
فكلما كانت هذه المصلحة غير شرعية انتفى الضرر. فالابن الطبيعي لا يمكن له المطالبة بتعويضه عن وفاة من يدّعي أبوته وإن أثبت أن والده كان يغدق عليه من ماله ويعتبره ابنا له دون أن يسعى إلى إلحاقه بنسبه أمّا إذا ما ألحق بنسبه أو ثبتت بنوّته فإن المصلحة الواقع المساس بها تعتبر شرعية وهي حق الإبن في النفقة.
الضرر الذي يلحق بالخليلة جراء وفاة خليلها في حادث سير :
للإجابة على هذا التساؤل يقول المولى عزوجل في كتابه العزيز " ولاتقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا " و نصت المادة الثانية من النظام الأساسي للدولة " دين الدولة الإسلام والشريعة الإسلامية هي أساس التشريع " , ففي مجتمعنا المحافظ كالمجتمع العماني والذي هو بلا شك جزء من المجتمع العربي الإسلامي , فالشريعة الإسلامية تنبذ العلاقات غير المشروعة وبالتالي كل ما يبنى عليها فهو باطل , لذلك فوفاة الخليل في حادث سير من وجه نظري المتواضعة لا يجوز للخليلة المطالبة بالتعويض بحجة أنها أصابها ضرر معنوي مرتد نتيجة وفاة خليلها .
3) موقف القضاء العماني من الضرر المرتد :
القضاء العماني كغيره من قضاة الدول العربية الأخرى أقر الضرر المرتد ونجد ذلك في الكثير من المبادئ التي قررتها المحكمة العليا في السلطنة .
" الدعوى الشخصية تتعلق بحق ذوي المتوفى في المطالبة بالتعويض عما أصابهم من ضرر شخصي من جراء الضرر الأصلي الذي حل بالمجني عليه وهو ما يسمى بالضرر المرتد ولا يوجد ما يمنع من تقدير هذا التعويض بقدر الحق المضرور من ضرر وما فاته من كسب حتى ولو جاوز التعويض الذي يقدر بقيمة الديه , يتميز الضرر الأصلي عن الضرر المرتد من حيث موضوعه كما يختلف من مقداره فضلاً عن اختلاف طالبي التعويض عن كل منهما حتى ولو كانوا نفس الأشخاص إذ أن مطالبتهم بالتعويض لا تكون بنفس الصفة والضرر المرتد يكون له حسابه في التقدير ولا يوجد ثمة ما يمنع من تقدير هذا الضرر وما فاته من كسب حتى ولو جاوز التعويض الذي يقدر بالديه
وحكمت ذات المحكمة في حكم أخر بقولها " لأقارب الهالك المطالبة بالتعويض عما يصيبهم من ضرر ادبي بسبب موت الهالك وأن التعويض الذي يستحق للورثة نتيجة ما أصاب أشخاصهم من أضرار مادية أو أدبية بسبب موت مورثهم ليس ثمة ما يمنع الجمع بينه وبين الديه او الارش .
وأقرت ذات المحكمة في حكم أخر بقولها " التعويض المورث حال وفاة المجني عليه ينبغي ألا يتعدى الديه الشرعية أما التعويض الأخر وهو التعويض الشخصي المادي المستحق عما يسمى بالضرر المرتد فمناط القضاء به أن يثبت المضرور أن الفعل الضار الذي أتاه الجاني على مورثه قد أخل بمصلحة مالية له وأن يكون الضرر قد وقع بالفعل أو أن يكون في المستقبل حتمياً والعبرة في تحقق الضرر المادي للشخص الذي يدعيه نتيجة وفاة شخص أخر هي ثبوت أن المتوفى كان يعوله فعلاً على نحو مستمر ودائم وأن فرصة الاستمرار على ذلك كانت محققة , وعندئذ يقدر القاضي ما ضاع على المضرور من فرصة كسب يفقد عائله ويقضي له بالتعويض على هذا الأساس " .
3) ضرر الحرمان من مـباهج الحياة:
للحياة مباهج متعدّدة يستمتع بها الإنسان وتزين الوجود بالنسبة إليه وتتصل هذه المباهج بالممارسة العادية للحياة كالتنقل على الأرجل والتنزه ومنها ما يتصل بممارسة بعض الأنشطة ثقافية كانت أو رياضية أو فنية.
وبما أن الصحة تاج على رؤوس الأصحّاء، فّإن المصاب يشعر بمزيد من الأسى والحزن جرّاء فقده أحد ساقيه أو يديه فيصير التنزه بالنسبة إليه نعمة لا تضاهيها نعمة وممارسة الرياضة هبة حرم من نعمها.
لكن ألم يقع التعويض عن هذا الضرر في إطار التعويض عن الضرر الجسدي (المادي ) الناشىء عن المساس بالحرمة الجسدية؟
قد يحصل الخلط بين ضرر الحرمان من مباهج الحياة وضرر الإصابة الناتج من الحادث
فضرر الإصابة من حادث السير يشتمل في الحقيقة ما نقص من القدرات الجسدية وما تلف من أعضاء البدن وانعدمت الفائدة منه، أي النقص البدنية . أما ضرر الحرمان من مباهج الحياة فإنه لا يشمل الضرر البدني بل ما لحق النفس جرّاء هذا الضرر في خصوص عدم التمكن مستقبلا من التمتع بمتع الدّنيا ومباهجها. وبالتالي فإن الضرر البدني هو المتسبّب في ضرر الحرمان فينظر إليهما من جهة علاقة السبب والنتيجة فلا يمكن المماهاة بينهما.
وضرر الحرمان من مباهج الحياة هو في الحقيقة عنصر من عناصر الألم.
4) ضـرر الصبا:
" هو المقابل الذي يمنح لجبر الضرر الأدبي الخاص الذي يلحق شخصا في سن مبكّرة من حياته والذي يتعرّض نتيجة لذلك إلى تقلّص حظوظه في الحياة ويحرمه منذ صباه من التمتع بالحياة كما يحق لكل طفل صغير أن يتمتع بها"
وضرر الصّبا هو في الحقيقة عنصر من عناصر الضرر المعنوي، استمدّ استقلاليته عن بقية العناصر من وضعية المتضرر المتمثلة في صغر سنه.
4) الضـرر الجنسـي:
يمثل الضرر الجنسي ضررا ثابتا يستحق التعويض. لكن ما ماهية هذا الضرر؟هل يتمثل في فقدان القدرة على مباشرة الاتصال الجنسي أو عن فقدان الشخص القدرة على الإحساس بالتجاوب أم يتمثل في الحالة النفسية التي تخلفها هذه الاصابة؟
إن القول بأن افتقاد الجهاز التناسلي أو النقص الحاصل في قدرته على أداء وظائفه بالشكل المطلوب يمثل ضررا جنسيا يدخل في باب الضرر المعنوي فيه خلط بين الضرر المعنوي والضرر المادي اللاحق بالبدن.
فمثل تلك الأضرار يقع تحديدها بكل دقة عند تحديد نسبة العجز المستمر التي يحددها الطبيب ذلك أن كل انتقاص من سلامة الجسد وتكامل أعضائه وتناغم وظائفه يمثل ضررا جسديا وما المساس بالوظائف الجنسية إلا عنصر من عناصره.
لكن الضرر الجنسي المقصود لا يخرج في مجاله عن دائرة الشعور. فالضرر الجنسي هو الشعور بالحزن العميق والتأسّف الناتج عن الحرمان من التمتع بلذة المعاشرة الجنسية. ويتسم هذا الضرر بطابع خاص لأنه يمسّ من غريزة إنسانية جبل الإنسان عليها وعلى الرغبة في إشباعها.
والضرر الجنسي لا يختلف عن ضرر التمتع بمباهج الحياة ذلك أن الجنس متعة من متعها إلا أن طبيعة الضرر وأهميته يبرران إفرادها بعنوان خاصّ.
وتبقى كل هذه الأضرار بسيطة مقارنة بالضرر الذي يلحق الشخص اذا ما تسبب الحادث في موته
5 - ضــرر المـوت:
يطرح موت المتضرّر في حادث المرور الإشكال التالي: هل يتضرّر المجني عليه من موته؟
قد يبدو السؤال مثيرا لمفارقة غريبة إذ كيف ينشأ على الاعتداء على السلامة الجسدية ضرر في حين نتساءل عن مدى الضرر اللاحق بالميّت جرّاء مفارقته للحياة. فالمنطق يفترض أن من يعوّض في الأقل يعوّض في الأكثر.
وقد اختلف الفقهاء وتباينت آراءهم في خصوص هذه الإشكالية فمنهم من رأى أن الموت ضرر (1) يلحق بالمجني عليه ومنهم من لم يعتبره كذلك(2) ومنهم من اتخذ اتجاها توفيقيا (3)
الاتجــاه الأوّل: الموت ضرر:
يرى أصحاب هذا الاتجاه أن الاعتداء على حق الإنسان في الحياة هو أكبر اعتداء يمكن أن يلحق بالشخص إذ أنه يسحب منه أعز ما يملك و يحطم وجوده وكيانه.
ويرى الدّكتور طـه عبد المولى إبراهيم أن الضرر الناشىء عن الموت إمّا أن يكون ماديا وإمّا أن يكون معنويا .
فالضرر المادي يتمثل فيما يلحق بالمتضرر جرّاء الاعتداء عليه من تفويت فرص الكسب المالي الذي كان سيحصل عليه من مرتبه أو من أرباح نشاطه.
أمّا الضرر المعنوي فيتمثل فيما تعرّض إليه المجني عليه من آلام بدنية ناتجة عن الجروح والكسور والرضوض بالإضافة إلى ما تصاحب حالة الاحتضار من آلام رهيبة.
ولا يقتصر الضرر المعنوي على الآلام البدنية فشعور الإنسان وهو في سكرات الموت باقتراب المنية وبأن أجله المحتوم قد بات قاب قوسين أو أدنى منه وما يصحب ذلك من أسى ولوعة وحسرة وخيبة أمل يعدّ ألما معنويا يستحق أن يعتبر ضررا قائم الذات.
الاتجــاه الثاني: الموت لا يمثل ضررا:
يرى أصحاب هذا الاتجاه أن الموت لا يمثل ضررا بالنسبة إلى المجني عليه. فالضرر الذي يمكن أن ينشأ عنه هو ضرر مرتد يصيب الغير.
وقد استند أصحاب هذا الرأي إلى الحجج التالية:
الحجة الأولى : كل نفس ذائقة الموت لا محالة.
الحجة الثانية : لا يمكن اعتبار الموت ضررا لأنه قبل الموت لم يتعرّض المجني عليه إلى الموت، وبعد الموت لا يتضرّر الميّت لأنه لا يجوز الضرر على الميّت.
الحجة الثالثة : تنتهي شخصية الميّت بوفاته فلا يكتسب بعدها الحقوق وبالتالي فلا يمكن لشخص أن يمنح غيره أكثر مما له من الحقوق.
إلا ان هذا الرأي غير صائب ـ على الأقل من وجهة نظري ـ صحيح أن الموت هو حق وهو مصير كل إنسان إلا أن يجب أن نعرف أن سبب الموت في حوادث السير هو الإصابة التي لحقت بالمصاب مما ادت إلى حياته وبطبيعة الحال الالام التي تصيب المصاب قبيل مفارقته للحياة تفوق كل الالم فكيف نعوضه عن إصابته ولانعوضه عن أللمه وعسرته .
3- الاتجــاه الثالث: الاتجاه التوفيقـي:
ويرى أصحاب هذا الاتجاه أنه يتجه التفريق بين حالتين:الحالة الأولى والذي يفصل الموت فيها عن الحادث بعض الوقت وفيها يتحقق الضرر ويتمثل هذا الضرر في مصاريف التداوي والعلاج والنقص من المداخيل و الضرر الأدبي.
أما الحالة الثانية فيكون فيه الموت مزامنا للحادث ولا يستحق فيها الميّت أيّ تعويض وذلك لعدم حصول الضرر.
وقد اتجهت المحاكم المصرية إلى اعتماد هذه التفرقة وقضت بأنه " إذا تسبّب وفاة المضرور عن فعل ضار عن الغير فإن هذا الفعل لا بدّ أن يسبق الموت ولو بلحظة، فيكون المضرور في هذه اللحظة أهلا لكسب حقه في التعويض عن الضرر الذي لحقه وحسبما يتطوّر هذا الضرر ويتفاقم ومتى ثبت له هذا الحق قبل وفاته، فأن ورثته يتلقونه عنه في تركته" .
موقف القضاء العماني :
لم يشير القضاء العماني إلى ذلك مباشرة ولكن هناك أحكام يمكن الاستنباط منها أن القضاء العماني أجاز للورثة المطالبة بالتعويض عن ما أصاب مورثهم نتيجة إصابته قبل وفاته بسببها , وقالت المحكمة العليا في ذلك " إذا ثبت الحق بالتعويض عن الضرر المادي للمضرور فإنه ينتقل إلى خلفه فيستطيع وارث المضرور أن يطالب بالتعويض الذي كان مورثه أن يطالب به لو بقى حياً , ويحق للورثة الحلول محل المورث في الدعوى بعد وفاته أثناء نظرها ..."
وعليه من خلال ذلك المبدأ يمكن القول أن إذا حصلت الوفاة دون أن يكون هناك فارق زمني وبين الفعل ( المتمثل في الحادث ) فلا يمكن المطالبة بالتعويض إنما يكون يتم دفع الديه المقررة وفقاً لقواعد الفقه الإسلامي وهذا ما أكدته المحكمة العليا في حكم أخر بقولها " الديه شرعاً وقانوناً هي المقابل المالي المقدر من قبل المشرع أخذاّ بمبدأ تكافؤ الدم والنفس في الإسلام , وهو بذلك قد سن تنظيماً خاصاً فيه التكريم والتشريف للآدمي وتميزاً له الأموال وقطعاً للطريق لما يقع من مغالاة في طلبها واعتبارا للطبيعة الخاصة للمتلف في الإنسان الذي يصعب تقويمه بالمال إذ أن تقويم الضرر الجسماني بالمال أمر في غاية الصعوبة ولا يتم ذلك تخميناً أو رجماَ بالغيب أو قياساً للإنسان بالأموال والماديات , فالزيادة ظلم على المعتدي وفي النقصان ظلم على المعتدى عليه "
فالقضاء العماني لم يقر مبدأ التعويض عن الوفاة بل أخذ بمبدا الديه التي هي ثابتة أصلاً في الشريعة الإسلامية مصداقاً لقوله تعالى (( وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا )) وقد اقرت المحكمة العليا في السلطنة مقدار الديه بقرار صادر من الهيئة العامة لتوحيد المبادئ بالمحكمة العليا " الديه تعويض وعقوبة يتغير مقدارها من شخص لأخر فتقدير المشرع بالقرار السلطاني رقم ( 3/85) للديه بمبلغ خمسة آلاف ريال مؤداه اعتبار نصاً خاصاً يقيد النص العام أثره عدم الجمع بين الديه والتعويض "
ثانياً : موقف مشروع قانون المعاملات المدنية العماني من الضرر المعنوي :
بطبيعة الحال لا تثير مسألة التعويض عن الضرر المعنوي اللاحق بالمجني عليه في حوادث المرور الغير القاتلة أيّ مشكلة لوضوح الأساس القانوني للتعويض من جهة ولاتجاه فقه القضاء إلى تكريسه واعتباره ضررا جديرا بالتحديد من جهة أخرى, ولكن الجدير بناء أن نبين في هذا الصدد موقف مشروع قانون المعاملات العماني من فكرة التعويض المعنوي , باستقراء نصوص المشروع لم يتبن لنا أي إشارة إلى الضرر المعنوي , إلا انه إكتفى بذكر الضرر دون أن يحدده أي نوع منه مادي أو معنوي ,فالمادة (176) من مشروع قانون المعاملات المدنية العماني نصت (كل إضرار بالغير يلزم فاعله ولو كان غير مميز بالتعويض " , وحيث أن من خلال ذلك النص نستشف أن الضرر أي كان نوعه مادياً أو معنوياً يجب أن يلتزم المتسبب في تعويض المضرور .
وقد دأبت المحكمة العليا في السلطنة على الأخذ بفكرة التعويض الأدبي إذ أن هناك الكثير من الإحكام صدرت منها : " يرتبط الضرر الأدبي ارتباطا معنوياً بالضرر المادي الناتج عن إصابات بدنية سببها حادث "
وبطبيعة الحال محكمة الموضوع عندما تنظر دعوى التعويض يجب أن تحدد عناصر الضرر ( الخطأ والضرر والعلاقة السببية ) التي تدخل في حساب التعويض وهذه مسالة قانونية بحتة وهذا ما قررته محكمتنا العليا في أحد مبادئها القضائية بقولها " إن تعيين عناصر الضرر التي تدخل في حساب التعويض هو من مسائل القانون التي تخضع لرقابة المحكمة العليا أما تقدير الضرر وتحديد التعويض الجابر له فهو من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع ويجب أن يكون التعويض بقدر الضرر وفقا لنص المادة (58) من قانون الجزاء "
الفصل الثاني : المسؤولية عن الضرر الناتج من حادث السير :
الأصل أن يكون رجوع المصاب من حادث السير على المسئول عن طريق دعوى المسؤولية التقصيرية , ما لم يفرض عليه القانون الرجوع بدعوى المسؤولية العقدية ويكون ذلك في حالة وجود عقد نقل بين المصاب والناقل وقد وقع الضرر نتيجة لإخلال الناقل بالتزام فرضه العقد , وعليه إذا لك يكن هناك عقد تربطه بالمسئول فعليه أن يلجأ إلى دعوى المسؤولية التقصيرية للحصول على التعويض عما أصابه من ضرر مادي أو أدبي من جراء الحادث
يقدر القاضي مدي التعويض عن الضرر الذي لحق المضرور مراعيا في ذلك الظروف الملابسة في الحادث ودرجة الإصابة
إلا أنه وفي بعض الحالات يحيد التعويض عن هدفه ويرسم له مسارا جديدا وذلك في الحالات التي يمنح فيها المتضرّر غرامة تفوق قدر العجز الحاصل له أو يتحصّل على تعويض يقلّ عمّا لحقه بالفعل من ضرر بدني واقتصادي.
ويكون دور المبدأ التعويضي توجيه الاجتهاد إلى المسار الصحيح ذلك المسار الذي لا ينال فيه المتضرّر غرامة تزيد عن الضرر الذي وقع عليه أو يعوض بتعويض يقل عن الضرر الحقيقي ويقضي مبدأ التعويض الكامل أن يتمّ تعويض كل الضرر (1) ولا شيء غير الضرر(2).
المطلب الأول : التعويض عن الأضرار كلها :
يجب أن يكون التعويض مساويا في مقداره لقيمة الضرر المباشر متكافئا دون زيادة أو نقصان وبعبارة أخرى يجب أن يكون التعويض عادلا. ويعبّر عن ذلك بمبدأ التعادل بين التعويض والضرر . وبطبيعة الحال هذه نتيجة منطقية إذ أن التعويض يهدف في حقيقته إلى إعادة الحال لقبل وقوع الضرر كل ما أمكن ولكن في شأن حوادث السير يجب أن يكون تقدير التعويض تقديراً موضوعياً دقيقاً .
ويتعين على محكمة الموضوع عند النظر في مقدار التعويض أن تأخذ بعين الاعتبار كل الأضرار الثابتة المحققة والمباشرة والتي تشتمل على إخلال بحق أو مساس بمصلحة شرعية. ويجب عليها أن تتبيّن جميع عناصر الضرر البدني والاقتصادي. فتتعرّض إلى ما لحق المتضرّر من آلام نفسية وبدنية وما فاته من ربح وما صرفه لتدارك عواقب الفعل الضار أثناء فترة العجز المؤقت عن العمل وفترة العجز المستمر.
والأصل أن يتمّ تعيين الضرر ثمّ تقدير التعويض الجابر له وفقا لمعيار شخصي ينظر فيه إلى ما ترتب على الاعتداء من أضرار أصابت المضرور ذاته حسب ظروفه الشخصية و طبيعة عمله .
فالظروف الشخصية التي تحيط بالمضرور تدخل في الاعتبار لأن التعويض يقاس بمقياس الضرر الذي أصاب المضرور بالذات فيقدّر على أساس ذاتي .
ومن الظروف الشخصية للمضرور التي تؤدّي إلى اختلاف مقدار التعويض من شخص إلى آخر حالة المضرور الجسمية والصحّية. فمن كان عصبيا فإن الانزعاج الذي يتولاه من حادث يكون ضرره أشدّ بكثير