النشاط الإشعاعي الطبيعي
Natural Radioactivity
المقــدمـة:
إن الله عز وجل جعل كل شي بمقادير معينة ومعلومة، وبالتالي فإن ما نتعرض له من إشعاع طبيعي ما هو إلا حكمة من عند الله العزيز العليم . فقد قال في كتابة الكريم : وإن من شيء إلاعندنا خزائنه وما ننزله إلابقدر معلوم ( الحجر:21)
العــــرض:
لم يعرف الإنسان النشاط الإشعاعي الطبيعي إلا بعد أن اكتشف على يد الفيزيائي الفرنسي بكريل في آذار من عام 1896م، وكان ذلك بمحض الصدفة، حيث وجد بيكريل أثناء قيامة بأحد أبحاثه على ظاهرتي الفسفرة والفلورة، أن المواد التي تحتوى على أملاح اليورانيوم تؤثر على الألواح الفوتوغرافية التي كان يستخدمها في بحثه. وقد استغرب بيكريل من هذه الظاهرة الجديدة، حيث أنه وضع الألواح الفوتوغرافية في غلاف محكم ومعتم . وتوالت الأبحاث بعد ذلك لمعرفة طبيعة هذه الإشعاعات الغريبة ذات النفاذية العالية، حيث قام كل من بيكريل ومدام كوري ورذرفورد وآخرون باكتشاف عناصر مشعة أخرى، ووجد أن هناك ثلاثة أنواع مختلفة من الإشعاعات أو الجسيمات، وهي جسيمات ألفا وبيتا وإشعاعات جاما حيث عرف فيما بعد أن جسيمات ألفا ما هي إلا عبارة عن نواة ذرة الهليوم وجسيمات بيتا ما هي إلا إلكترونات أما إشعاعات جاما فقد وجد أنها عبارة موجات كهرمغناطيسية مشابهة للأشعة السينية ولكن الفرق بينهما أن إشعاعات جاما مصدرها النواة ولكن الأشعة السينية مصدرها مدارات الذرة ، علما بأن الأشعة السينية اكتشفت قبل عدة أشهر من اكتشاف النشاط الإشعاعي النووي على يد الفيزيائي الألماني رونتجن. وقد وجد أن العديد من العناصر الثقيلة وخاصة ذات العدد الذري الأكبر من 82 نشطة إشعاعيا، وذلك يرجع إلى كون عدد البروتونات فيها كبير مما يجعل قوى التنافر الكولومي كبيره. ولو أخذنا اليورانيوم كمثال للعناصر الطبيعية وتتبعنا انحلاله لوجدنا انه ينحل حسب التفاعل التالي :-
238U -------> 234Th + 4He
حيث نجد لدينا نظيرا جديدا مشعا هو الثوريوم-234 إضافة إلى انطلاق جسيمة ألفا. وبعد ذلك ينحل الثوريوم إلى عنصر مشع هو البروتكتنيوم مطلقا جسيمة بيتا بالإضافه إلى النيترينو والذي هو عبارة عن جسيم متعادل الشحنة وله كتلة سكون مساويه للصفر .
إن ما سبق ذكره ما هو إلا بداية لسلسة متتالية من الانحلالات تعرف باسم سلسلة اليورانيوم-238 حيث تنتهي بنظير الرصاص-206 المستقر . علما بأن هذه السلسة تحوى غاز الرادون-222 المشع.
يوجد بالإضافة إلى تلك السلسلة ثلاث سلاسل إشعاعية أخرى وهي سلسلة الثوريوم- 232 وسلسلة اليورانيوم- 235 أو كما يطلق عليها البعض سلسلة الأكتنيوم، أما السلسلة الرابعة فهي سلسلة النبتونيوم وهي غير موجوده في الطبيعة في وقتنا الحاضر. ولكن علماء الفيزياء أكدوا وجود هذه السلسلة فى بداية تكون الكره الأرضية ولكن بسبب أن العمر النصفي لأطول عناصرها يكون اصغر بكثير من عمر الأرض فإن هذه السلسة اختفت من الوجود. وبالإضافه الى تلك السلاسل الإشعاعية الطبيعية يوجد أيضا في الطبيعة نظائر مشعة لا تتبع تلك السلاسل وهي على الأقل 22 عنصرا مشعا أهمها هو البوتاسيوم -40 المشع لبيتا والروبيديوم-87 المشع لبيتا أيضا.
إن القشرة الأرضية تحوي في مكوناتها تلك السلاسل الإشعاعية بالإضافة إلى العناصر المشعة المستقلة. وبالتالي نستطيع القول أن الأرض التي نعيش عليها هي أحد المصادر الرئيسية للإشعاع الطبيعي، أما المصدر الثاني للإشعاع الطبيعي فهو الاشعه الكونية التي اكتشفها الفيزيائي الأمريكي هس في عام 1911م. وهذه الأشعة هي في الحقيقة ناتجة من التفاعلات النووية الهائلة التي تحدث في النجوم. وتتكون الأشعة الكونية من بروتونات وجسيمات ألفا وبيتا ونوى أخرى حيث تتفاعل مع نوى ذرات الغلاف الجوي للأرض مما يولد إشعاعات جاما وإلكترونات سريعة بالإضافه إلى النيترونات والميزونات. وبما أن هذه الإشعاعات متأينة فإنها تتأثر بالمجالات المغناطيسية للأرض مما يجعل منطقة القطبين أكثر تأثرا من المنطقة الاستوائية، وأيضا كلما ارتفعنا عن مستوى سطح البحر زادت الجرعة من هذه الإشعاعات.
إن جسم الإنسان بطبيعته مشع وذلك ناتج عن بعض مكوناته، وبسبب ما يتعرض له الجسم من إشعاع طبيعي عن طريق الأكل والتنفس وغيره، حيث يوجد البوتاسيوم-40 المشع في جسم الإنسان بنسبة 15% من مجموع الجرعات الإشعاعية، وكذلك يوجد الكربون-14 المشع بنسبة تركيز ثابتة في جميع الكائنات الحية، ولكن تلك النسبة الثابتة بدأت تتغير مع بزوغ عهد التفجيرات النووية .
إن الخطر الرئيسي على الإنسان يأتي من غاز الرادون-222 المشع ووليداته، حيث يشكل الرادون 70% من معدل الجرعة التي يتعرض لها الإنسان، وهذا الخطر يكمن في أربعة جوانب:-
1- أن غاز الرادون خامل فلا يتفاعل.
2- وليدات الرادون تكون في حاله صلبه مما يودي الى ترسبها في الرئتين.
3- غاز الرادون أثقل من الهواء سبع مرات ونصف مما يودي إلى وجوده في الأسفل دائما.
4- طول العمر النصفي لغاز الرادون بالنسبة لنظائره الأخرى حيث يبلغ 3.8 يوما .
الخــاتمــة:
هكذا فقد تعرضنا إلى ماهية النشاط الإشعاعي وتاريخ معرفته ،، وان العناصر التي يرتفع فيها قيمة العدد الذري تكون نشطة إشعاعياً وذلك يرجع لقوى التنافر بين البروتونات ،، كما أن هذه العناصر بانحلالها تكون عناصر مشعة أخرى وعناصر ألفا أو بيتا أو جاما ،، أما عن مصادر هذه الإشعاعات في القشرة الأرضية والأشعة الكونية ،، كما أن جسم الإنسان نفسه يكون مشعاً ...