التجارة الإلكترونية
أرقاماً فلكية حيث وصلت في حالة (أمازون دوت كوم) 22 بليون دولار وشركة (إيباي) 23 بليون دولار وشركة (إي تويز)1.7 بليون دولار وشركة (بارنز آند نوبل)1.1 بليون دولار أمريكي. كما بلغت في شركة (سيرز) 10.5 بلايين دولار وفي شركة (سويثباير)1.2 بليون دولار وفي شركة (تويز آريو أس) 2.8 بليون دولار وشركة (بورز) 1.1 بليون دولار أمريكي.
وكان تقدير أسعار أسهم شركات التجارة الإلكترونية على مدار العامين الماضيين يمثل ظاهرة، حيث استطاعت في أحد هذين العامين الوصول إلى نسبة ربح قدرها 100%، وعلى مدار خمس سنوات وصلت إلى 1100% صافي ربح سنوي، مما أدى إلى توافر رأسمال سوق فاق النمو الواسع الثابت لشركات البيع القطاعي في بورصة نيويورك.
تصبح المقارنة هنا أكثر وضوحاً عندما نضع في الاعتبار شركات مثل (فيديكس) وشركة (ثيرمو إليكترون) وشركة (رابدميد)، والذين بلغ رأسمالهم 9 بلايين دولار، 4 بلايين دولار، 6 بلايين دولار على التوالي. وتقترح هذه البيانات أن يفضل المستثمرون شراء أسهم في شركة (أمازون) للتجارة الإلكترونية أفضل من امتلاكهم للأسهم في واحدة من أكثر الشركات انتشاراً وشهرة في منافذ البيع القطاعي، وهي شركة (سيرز).
ومن الواضح أن هناك صعوبة بالغة في تقدير القيمة الحقيقية لشركات التجارة الإلكترونية من حيث أصولها الثابتة وأرباحها، لأن معظمها لديها القليل في الناحيتين، وحتى مضاعفات الدخل المالي والإيرادات من الصعب أن يتم تحويلها إلى نموذج تقييم مالي فعال.
وقد أشارت الدراسات إلى صعوبة ذلك من خلال قول أحد الخبراء في هذا المجال، بأنه لو كان يقوم بتدريس المحاسبة المالية لدراسي الماجستير في إدارة الأعمال، لكان قد وضع الامتحان النهائي لهم على شكل سؤال واحد فقط وهوكيف تقوم بتقييم شركة للتجارة الإلكترونية على الإنترنت؟).
ومن السهل على المديرين أن يتجاهلوا مثل هذه التقييمات لقيمة الأسهم لأنهم يتعاملون مع نزوات وأهواء وجنون السوق وكل ما يهمهم هو تحقيق الربح فقط.
ومع ذلك فإن بلايين الدولارات تكون مرهونة بهذه النزوات والأهواء والجنون.
ويقوم أصحاب رؤوس الأموال بعملية فرز وغربلة لأنشطة التجارة الإلكترونية على أساس التعامل اليومي ويتخذون قراراتهم الخاصة باستثمار ملايين الدولارات.
ويقوم أمناء الاستثمار بمراقبة وتقييم الأوضاع على شبكة الإنترنت من أجل اقتناص الفرص المتاحة واختيار البدايات الملائمة. وهناك الآلاف من العقول التجارية اللامعة التي تراقب هذه الحركة الدؤوبة على شبكة الإنترنت من أجل الاستغلال الأمثل للموارد المادية والبشرية.
فهل يمكننا من خلال تلك المعطيات أن نتلمس مثل هذا التصاعد الهائل في حجم التجارة الإلكترونية؟ وهل ستقضي التجارة الإلكترونية على أنشطة البيع بالتجزئة وتجعل التجارة التقليدية شيئاً من الماضي؟ وهل ستنقرض العلامات الحالية لتحل محلها علامات تجارية إلكترونية جديدة؟ وماذا سيحدث للمناصب والمستندات التقليدية التجارية الحالية؟ أم أن كل ذلك مجرد ولع مؤقت سرعان ما يزول؟ لقد رأينا تقنيات جديدة من قبل أدت إلى حدوث العديد من الفقاقيع في السوق. ففي ثمانينات القرن التاسع عشر كانت هناك فقاقيع مماثلة في سوق الأسهم حيث أنشئت العديد من الشركات اعتماداً على بزوغ وتفوق تقنية جديدة وهي الكهرباء في ذلك الوقت، مما أدى إلى زيادة سعر الأسهم بنسبة وصلت إلى 1000% من سعرها الأصلي. وقدمت هذه التكنولوجيا الجديدة وعوداً بلا حدود. ودخلت شركات صغيرة إلى السوق وحصلت على نصيب لا بأس به من الكعكة، وانطلقت الأسعار إلى عنان السماء بسرعة الصاروخ.
ومع ذلك، أصبح واضحاً بالنسبة للمستثمرين بعد فترة وجيزة أن ما وعدت به تكنولوجيا الكهرباء أخذ في التراجع، وفي خلال عامين أصاب الوهن هذه الشركات وهبطت أسهمها بمقدار يتراوح بين 5% و 15%.
فكيف يمكن للرأسماليين من عشاق المخاطرة وللمستثمرين وللمدربين أن يقرروا ما إذا كانت التجارة الإلكترونية تعد حالة ملموسة أم لا؟ أو بالأحرى هل يمكنهم التمييز بين أنماط التجارة الإلكترونية التي من المحتمل أن تكون جذابة ومريحة، وبين تلك التي سوف تتلاشى داخل معترك الأسواق؟ ومن أجل العثور على أدوات إدارة إستراتيجية للتجارة الإلكترونية، يمكننا أن نلقي الضوء على ما سبق من أسئلة، وفهم دور جودة المنتج ونقل المعلومات وتناقلها وشهرة المنتج والمخاطر المحتملة في نطاق بنية الصناعة وقدرات الشركات.
وكل ما سبق يمكن أن يساعدنا في تقييم لعمليات البيع والشراء خلال شبكة الإنترنت.
تجانس المنتجات :
إن البضائع الموجودة على شبكة الإنترنت غير متساوية. فهناك فروق في الصفات الخاصة المميزة لكل منها ومستويات تلك الصفات. وتعتبر قدرة المستهلكين على التأكد من جودة المنتج من الأبعاد المهمة والتي بناءً عليها يختلف منتج عن آخر.
فمن ناحية، هناك منتجات سلعية معينة يمكن الحكم على جودتها بسهولة من خلال توصيل معلومات معينة للمشتري.
فمنتجات مثل البترول ومشابك الورق والأسهم تقع جميعاً تحت هذه الفئة.
ومن ناحية أخرى، هناك منتجات من الصعب الحكم على جودتها من خلال الإنترنت حيث يختلف الحكم على جودتها من مستهلك لآخر. ومن هذه المنتجات السيارات المستعملة والأعمال الفنية.
وفهم درجة صعوبة توصيل المعلومات الخاصة بجودة المنتج ومدى إمكانية الاعتماد عليه أو ملائمة الرسالة الخاصة بمجموعة من المنتجات يفتح الباب على مصراعيه للتفكير بشكل إستراتيجي حول النجاح المحتمل طويل الأجل لمختلف أنواع مخاطرات التجارة الإلكترونية.
المنتجات السلعية :
إن التجارة الإلكترونية للبضائع السلعية قد بدأت منذ عقود.
فإذا ألقينا نظرة، على سبيل المثال، على صحفية (وول ستريت جورنال) أو (الفيننشيال تايمز) فسوف نرى العديد من البضائع التي يتم التعامل معها عن طريق التجارة الإلكترونية. وتتراوح هذه الأنشطة بين عروض بيع وشراء الأسهم إلى براميل البترول وأوقية الذهب.
وقد تواجد سوق المزايدة النشط للتجارة الإلكترونية على مدار عقود عدة، ولم تكن على النحو الذي أصبحت عليه التجارة الإلكترونية اليوم حيث نبيع ونشتري البضائع من خلال شبكة الإنترنت، ولكن مثل التجارة على مواقع الشبكات، فإن البائعين والمشترين يلتقون ويبرمون الصفقات فيما بينهم إلكترونياً في عالم اليوم.
فعلى المواقع الإلكترونية نرى العديد من المنتجات التي يتم تبادلها، فمنتجات مثل مشابك الورق والدبابيس وحتى العلامات التجارية واسعة الانتشار على الإنترنت، تشكل سوق التجارة الإلكترونية الجديدة.
ورغم الفجوة المتسعة بين المنتجات، إلا أن الكثير من خصائص السوق تتشابه كثيراً مع أسواق الصرف الإلكترونية التقليدية، وجودة هذه المنتجات يمكن تحديدها بسهولة بالوصف البحت للمنتج.
فعندما يعرف المرء نوعاً من المسامير مسطحة الرأس والتي طول الواحد منها بوصة واحدة، فإنه يحتاج إلى القليل من المعلومات الأخرى ليعرف بالضبط ما هو المنتج. وباستثناء حالات التصنيع عالي الجودة، فإن الجهة المصنعة للدبوس، على سبيل المثال، لا تشكل أهمية كبيرة ولكن الأهم هو المنتج نفسه.
ونفس الشيء ينطبق على الجازولين أو البترول. فعندما نتحدث عن برميل من البترول الخام متوسط الكثافة المستخرج في تكساس، أو عن 100 سهم في شركة (مازر نيتشر دوت كوم) أو 17 أوقية من الذهب مثلاً، فنحن ندرك هنا بوضوح تام ما هو المنتج حيث لا يحتاج إلى تعريف.
وبالنسبة لمنتجات سلعية مثل هذه فإن خصائصها تعطي معلومات كافية عنها وعن خواصها وجودتها.
فمثلاً كل الدبابيس ذات خصائص واحدة وكذلك كل براميل البترول الخام وكذا بالنسبة للأسهم وأوقيات الذهب وهكذا، والمستهلكون في سوق هذه السلع لا يهتمون كثيراً بالبائع لكن يهتمون بالخصائص الصحيحة للمنتج والسعر وطرق التسليم.
المنتجات شبه السلعية :
إن الزيادة الأكبر التي حدثت في التجارة الإلكترونية كانت في فئة المنتجات شبه السلعية. والكتب واللعب والفيديو كاسيت وأسطوانات الكومبيوتر والسيارات الجديدة، كلها تندرج تحت هذه الفئة.
وقد اعتقد خبراء الاقتصاد أن هذه المنتجات المختلفة تتناقض مع المنتجات السلعية، وكانوا على صواب في ذلك، فبالنسبة للكتب، على سبيل المثال، توجد مسرحيات إنجليزية كلاسيكية وروايات رومانسية وكتب إرشادية.
حتى في فئة المنتج الواحد، توجد الكثير من الاختلافات، فهناك مثلاً رواية ل (جون جريشهام) أو رواية ل (توني مويسون) أو (جون إيرفينج).
وعلى ذلك نجد أن الكتب هي منتجات متفرقة ومتباينة وتتوقف على ذوق المستهلك واختياره. ورغم ذلك، مثل المنتجات السلعية، إذا اختار أحد المستهلكين كتاباً ما، فإنه يكون متطابقاً لدى كل البائعين.
على سبيل المثال، بمجرد اختيار المستهلك لكتاب (قواعد المعلومات) فإن جميع البائعين يكون لديهم نفس الكتاب بنفس المحتوى ونفس المواصفات.
وعلى ذلك، إذا اختار شخص ما كتاباً ما تحت عنوان معين، فإن المنافسة تبدو متشابهة جداً مع ما يحدث في سوق المنتجات السلعية، ويقوم المستهلكون بالانغماس في عملية اتخاذ قرار الشراء على مرحلتين:
أولاً: يجب عليه أن يجد الكتاب الذي يرغب فيه وسط العديد من الكتب.
وبعد مرحلة اختيار الكتاب تأتي مرحلة السعر ومدى إمكانية الاعتماد على البائع.
فهو يبحث عن أرخص سعر يناسب بطاقة الائتمان الخاصة ومدى توافر الكتاب وحصوله عليه بحالة جيدة وفي الموعد المناسب.
بضائع (عاين وتأكد) :
إذا كانت هناك شركة بدون علامة تجارية معروفة جيداً وأعلنت عن بيع حلة من الصوف على شبكة الإنترنت، فهل ستلقي هذه الحلة رواجاً؟ فالمقاس قد يكون مناسباً واللون ملائماً والطراز مقبولاً، ولكن هل ستباع هذه الحلة بشكل منتظم؟ من المؤكد أن هذه الأنواع من المنتجات غير معروفة العلامة التجارية ستجد صعوبة في التنافس مع مثيلاتها من المنتجات ذات العلامات التجارية المعروفة والسبب يقع في طبيعة هذه المنتجات، فهذه الأنواع، التي يطلق عليها (عاين وتأكد) هي بضائع مثل أدوات التجميل والملابس والأثاث وحتى المنازل، تتطلب غالباً أن يلمسها المستهلك ويعاينها ويتأكد منها عن قرب. فالقليل من الذين يشترون المنازل لا يفعلون ذلك، لكن الغالبية العظمى تدلف إلى المنزل المطلوب شراؤه وتعاينه وتتفحصه جيداً وتقيم حالته البنائية وما يحيط به وتلقي نظرة على الجدران.
والحلة المصنوعة من الصوف حتى الأسوأ منه، توصل بعض المعلومات ولكنها معلومات قليلة لا تكفي للحكم عليها، فالحلل الصوفية تختلف كثافتها من حلة إلى أخرى والمقاس الذي يلائم شخصاً معيناً لا يلائم شخصاً آخر وهكذا.
وبدون التعامل مع المنتج وتجربته، يكون من الصعب تقييم جودته ومعرفة مدى ملاءمته. والمنتجات التي من هذا القبيل لها خصائص مشتركة، ومن الصعب تقييم جودتها عن بعد. وحتى إذا كان هناك اتفاق مشترك بين المستهلكين حول الجودة العالمية والجودة المنخفضة، فإن المستهلك الذي لا يقدر على المعاينة والتأكد من المنتج أو أي منتج مشابه، سوف يجد صعوبة في تقييم ما يقوم بشرائه.
وقدم البروفيسور (إيلي داهان) في بحث له في هذا الخصوص بعض النقاط التي توضح ذلك، فبينما يمكن توفير صفات كثيرة عن منتجات معينة على المواقع الإلكترونية، فإن هناك الكثير من الأمثلة التي بها الكثير من الصفات الغامضة.
على سبيل المثال، منتج مثل المضخات المائية، لم يستطع الموقع الإلكتروني أن يوضح بدقة جوانب الجودة للمضخات المائية الحديثة.
فالمستهلكون الذين استعملوا هذه المضخات فعلياً لاحظوا أن جودتها منخفضة بشكل ظاهر عما توقعوه من خلال معلومات الموقع الإلكتروني عن هذا المنتج.
والمستهلكون لهذا النوع من البضائع يمكن أن يمتنعوا عن شراء المنتج الذي تكون خصائصه غير واضحة أو غامضة حيث يكون أمامهم العديد من المنتجات البديلة.